للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١. الإسناد المجازي ((١)) (مجاز عقلي) في قوله: {حَرَمًا آمِنًا} ، لأن المراد أهل الحرم. {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ} المراد أهلها بدليل قوله تعالى بعد:

{فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلاَ قَلِيلاً} ، أي: لقد زهوا بها حيناً من الدهر وغرتهم الأماني وأبطرتهم النعمة وكان ديدنهم ديدن المترفين الرافلين في حلل السعادة، فما عتموا أن فنوا وطوتهم الأيام وبقيت آثارهم شواخص ((٢)) .

المعنى العام الآيات

{وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعْ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا}

" أي: نستلب من أرضنا يعني أرض مكة والحرم، وقيل: إنما قاله الحارث بن نوفل بن عبد مناف فإنه قال للنبي (- صلى الله عليه وسلم -) : إنا لنعلم أن قولك الحق، ولكن يمنعنا أن نتبع الهدى معك أن يتخطفنا العرب من أرضنا، ولا طاقة لنا بالعرب ((٣)) ، فقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا} .

قال الماوردي: " فيه وجهان:

أحدهما ـ إنه جعله آمناً بما طبع النفوس عليه من السكون إليه حتَّى لا ينفر منه الغزال والذئب والحمام والحدأة.

الثاني ـ إنه جعله آمناً بالأمر الوارد من جهته بأمان من دخله ولاذ به، قاله يحيى بن سلام، يقول: كنتم آمنين في حرمي تأكلون رزقي وتعبدون غيري أفتخافون إذا عبدتموني وأمنتم بي " ((٤)) .

{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}


(١) الإسناد المجازي: هو إسناد الفعل أو معناه إلى ملابس له غير ما هو له بتأويل، ينظر الإيضاح للقزويني: ١٦.
(٢) إعراب القرآن وبيانه وصرفه: ٥ /٢٥٦ –٢٥٧.
(٣) مجمع البيان: ٧ /٢٦٠.
(٤) النُّكَت والعُيون: ٣ /٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>