للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً. الإدماج ((١)) في قوله تعالى: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الآولَى وَالآخِرَةِ} فإن هذه الآية أدمجت فيها المبالغة في المطابقة لأن انفراده سبحانه بالحمد في الآخر، وهي الوقت الذي لا يحمد فيه سواه مبالغة في وصف ذاته بالانفراد والحمد، وهذه وإن خرج الكلام مخرج المبالغة في الظاهر فالأمر فيها حقيقة في الباطن لأن أولى بالحمد في الدارين ورب الحمد والشكر والثناء الحسن في المحلين حقيقة وغيره من جميع خلقه إنما يحمد في الدنيا مجازاً وحقيقة حمده راجعه إلى ولي الحمد سبحانه (٢) .

ثانياً. الطباق بين (تكن ـ ويعلنون) ، وبين (الأولى ـ والآخرة) وهو من المحسنات البديعة ((٣)) .

المعنى العام للآيات

{وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ}

قال ابن عاشور المعنى: إن الله يخلق من يشاء من خلقه من البشر وغيرهم، ويختار من بين مخلوقاته لما يشاء مما يصلح له جنس ما منه الاختيار، ومن ذلك اختياره للرسالة من يشاء إرساله، وليس يرسل من اختاروه هم " ((٤)) .

وقيل: هو جواب لليهود إذ قالوا: لو كان الرسول إلى محمد غير جبريل لآمنا به. قال ابن عباس ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَما ـ: يخلق ما يشاء من خلقه ويختار من يشاء لنبوته.

وقال النقاش: يخلق ما يشاء من خلقه يعني محمد (- صلى الله عليه وسلم -) ويختار الأنصار لدينه ((٥)) .


(١) الإدماج: هو أن يتضمن الكلام معنيين: معنى مصرح به، ومعنى مشار إليه، ينظر الصناعتين: ص ٤٢٣.
(٢) ينظر التحرير والتنوير: ٢٠ /١٦٨. إعراب القرآن وبيانه وصرفه: ٥ /٣٦٦.
(٣) ينظر المصدران أنفسهما.
(٤) التحرير والتنوير: ٢٠/ ١٦٤.
(٥) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦/ ٥٠٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>