للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنلاحظ أن الَقُرْآن جعل البشارة بالآخرة في الآيات التي سبقت هذه الآيات للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً، وفي هذه الآية جعلت البشارة لهم في الدنيا بالتمكين في الأرض بعد أن نوهت إلى هذا التمكين في الآيات السابقات، بقوله: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} فيتبين بذلك الترابط بين الآيات، ودلالة بعضها على بعضها الآخر.

أسباب النزول

{إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ}

ذكر القرطبي عن مقاتل: خرج النبي (- صلى الله عليه وسلم -) من الغار ليلاً مهاجراً إلى المدينة في غير الطريق مخافة الطلب، فلما رجع الطريق ونزل الجحفة عرف الطريق إلى مكة فاشتاق إليها، فقال له جرير: إن الله يقول: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ ...} ، أي: إلى مكة ظاهراً عليها ((١)) .

وفي الخازن: " قال ابن عباس إلى مكة أخرجه البخاري ((٢)) عنه " ((٣)) .

وقال ابن كثير بعد أن أورد رواية ابن أبي حاتم عن الضحاك: " وهذا من كلام الضحاك يقتضي أن هذه الآية مدنية وإن كان جميع السورة مكية " ((٤)) .

ونقل القرطبي رواية عن ابن عباس بقوله: نزلت هذه الآية بالحجة ((٥)) ليست مكية ولا مدنية ((٦)) .

والذي أراه أن هذه الآية ما دامت نزلت بالجحفة وهو (- صلى الله عليه وسلم -) متوجه إلى المدينة، وهو إليها أقرب أن تكون مدنية استناداً إلى القاعدة في المكي والمدني.


(١) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦/ ٥٠٣٧
(٢) صَحِيْح البُخَارِي: باب إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد: ٤/ ١٧٩٠ رقم (٤٤٩٥) .
(٣) لُبَاب التَأَوْيِل: ٣/ ٤٣٣
(٤) تفسير القرآن العظيم: ٣/ ٤٠٣
(٥) الجحفة ك موضع بين مكة والمدينة وهي ميقات أهل الشام ينظر حاشية الشيخ زاده: ٣/ ٥٢٤.
(٦) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦/ ٥٠٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>