للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشيخ زاده: " {وَمَا كُنتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ} في معنى من يلقي إليك، عبر عنه بقوله: {وَمَا كُنتَ تَرْجُوا} للمبالغة فإن نفي رجاء الإلقاء أبلغ من نفي الإلقاء، فكأنه قيل: وما ألقي إليك الكتاب إلا رحمة، أي: في حال كونه رحمة، أو إلا لأجل رحمة، فيكون الاستثناء متصلاً مفرغاً، ويكون المستثنى منه أعم الأحوال أو العلل، ولا يجوز أن يكون الاستثناء باعتبار اللفظ لأنه إذا قيل: ما كنت ترجوه إلا رحمة، لزم أن يكون ـ عَلَيْه الصَلاة والسَّلام ـ راجياً أن يلقى إليه الكتاب لأجل الرحمة، وظاهر أنه ـ عَلَيْه الصَلاة والسَّلام ـ لم يكن راجياً له أصلاً " ((١)) .

قوله تعالى: {يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ} فيه استعارة، وذلك أن معنى إلقاء الكتاب وحيه به إليه، أطلق عليه اسم الإلقاء على وجه الاستعارة ((٢))

{فَلاَ تَكُونَنَّ} قال ابن عاشور: " فإن فعل الكون لما وقع في سياق النهي، وكان سياق النهي مثل سياق النفي، لأن النهي أخو النفي في سائر تصاريف الكلام، كان وقوع فعل الكون في سياقه مفيداً في تعميم النهي عن كلّ كون من أكوان المظاهرة للمشركين ((٣)) .

المعنى العام

{وَمَا كُنتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}

قال أبو حيان: " هذا تذكير لنعمه تعالى على رسوله، وأنه تعالى رحمه رحمة لم يتعلق بها رجاؤه. وقيل: بل هو متعلق بقوله: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} وأنت بحال من لا يرجو ذلك ((٤)) .

{فَلاَ تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِلْكَافِرِينَ}


(١) حاشية الشيخ زاده: ٣/ ٥٢٤.
(٢) التحرير والتنوير: ٢٠ /١٩٤.
(٣) التحرير والتنوير: ٢٠ / ١٩٥.
(٤) البَحْر المُحِيْط: ٧ / ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>