للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن تسلية رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) جاءت بمعنى متجدد شمولي {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} فتوالي الأفعال (نمن، نجعلهم، نجعلهم) وإسنادها إلى الله سبحانه وتعالى مشعر بأن الخطاب موجه لرسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) الذي كان يوم أنزلت عليه هذه السورة مستضعفاً في الأرض مع أصحابه ـ عليهم الرضا والرضوان ـ فهو جانب يصور لنا جانباً من شخصية رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) في سورة القصص، وجانباً آخر هو ما نلاحظه في قوله تعالى: {إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} فهذه الآية هي حديث إخبار عن رد موسى (- عليه السلام -) إلى أمه ونجد جوانباً من تشبيه رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) بموسى في خروج رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) إلى المدينة المنورة مهاجراً {فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ} ((١)) ، وهذا من بديع البلاغة القرآنية في تصوير الرسل ـ عليهم الصلاة والسلام ـ بأجمل وأكمل الأوصاف.

ونجد وحدة الرسالة في قوله تعالى مخاطباً موسى (والخطاب لمحمد) ـ عليهما الصلاة والسلام ـ وهو قوله عزَّ وجلَّ فيها {إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ((٢)) ، وهذا يرد على اليهود الذين فرقوا بين الرسل وجعلوا إلههم مختلفاً عن إله العالمين إذ جعلوا أنفسهم شعبه المختار.


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ١٨.
(٢) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>