للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونجد من هذا التوجيه للمعنى في داخل السورة أن قوله تعالى فيها: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إلى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ((١)) ، يتوجه نحو تقرير موضوع جديد في النفوس بواسطة ابراز مآل رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) ، وهي آية طالما آثارت عند المفسرين نقاشات لإبراز المعاني الأولى، والمعاني الثانية، لا بل والمعنى الكامن في سياق النص، فقال ابن قتيبة: " معاد الرجل بلده، لانه يتصرف في البلاد، ثُمَّ يعود إليه. وفي الآية تقديم وتاخير، والمعنى أن الذي فرض عليك القرآن، أي: جعلك نبياً، ينزل عليك القرآن، وما كنت ترجو قبل ذلك أن تكون نبياً يوحى اليك الكتاب، لرادك إلى مكة ظاهراً

قاهراً " ((٢)) .

وهو تأويل معنوي يشعر بإحساس ابن قتيبة بتحليل المضمون بدلالة الفظ، بينما يقرر مفسر من المحدثين في توجيهه للمعنى أنه: " اختلفت الآراء في هذا المعاد الذي تقرره الآية الكريمة، فقال قوم: أي إلى وطنك مكة.

وقال قوم: أي إلى يوم القيامة.

وعزز الرأي الاول ما تلاها من قوله تعالى: {قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى} ((٣)) ، فإن السياق مشعر بالرأي الاول " ((٤)) .


(١) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٥.
(٢) تَأوِيل مُشْكِل القُرْآن. ابن قتيبة أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن مسلم. ت ٢٧٦. الطبعة الثالثة. تحقيق: أحمد صقر. المكتبة العلمية. المدينة المنورة. ١٩٨١ م.: ص ٤٢٥.
(٣) سُوْرَة الْقَصَصِ: الآية ٨٥.
(٤) مكامن العرفان في تفسير الَقُرْآن. الشيخ حازم عَبْد الله. الطبعة الأولى. الدار الإسلامية، بيروت، لبنان. ١٩٩٥ م: ٤ / ٢٦٦-٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>