للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نرى أن إعراب (نتلو) وتعليقه بما سبق من الكلام على رأي بعض المعربين فيه إبعاد للمعنى عن وضعه الذي وضع ذلك التقدير له، وذلك إن جعل مفعوله محذوفاً وتقديره (شيئاً) على رأي العكبري، أوجه في دلالته الإعرابية من باقي الآراء، أما رأي الأخفش في كون (من) زائدة، فلا يليق بالمقام التفخيمي لألفاظ الَقُرْآن الكَرِيم حتَّى وإن أتى ذلك التعبير في مقام الإعراب، وأياً ما يكن، فنحن نرجح هنا أن (نتلو) ـ بعيداً عن الخلاف فيها ـ فعل مضارع مرفوع وأنه لا محذوف في تقديره.

{وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} ((١))

قال مكي بن أبي طالب: " مفعولان لـ (جعل) بمعنى صير، فإن كانت بمعنى خلق تعدت إلى مفعول واحد " ((٢)) .

وقال ابن الأنباري: " نصب (أهلها) و (شيعاً) لأنهما مفعولا (جعل) لأنه بمعنى صيَّر " ((٣)) .

وقال النحاس: " و {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} مفعولان " ((٤)) .

وقال محي الدين درويش: " (جعل أهلها) فعل وفاعل مستتر ومفعول به أول و (شيعاً) مفعول به ثانٍ " ((٥)) .

ونحن نرى أن الدلالة الإعرابية لـ (جعل) في نصبها مفعولين بعدها، أوجبت تصور شدة الظلم من فرعون، ولا خلاف بينهم في كون (جعل) نصبت مفعولين، إنما الخلاف في كونها بمعنى (صيّر) ، فدلالة (جعل) غير دلالة (صيّر) وإن كانتا مما ينصب مفعولين من بعدهما، ففرعون جعل على الحقيقة ولم يصيّر على المجاز، ومن هاهنا كان تقدير الإعراب على حقيقته خيراً من الاختلاف في كون (جعل) بمعنى (صيّر) كما هو واضح.

{يَسْتَضْعِفُ} ((٦))


(١) سُوْرَةُ الْقَصَصِ: الآية ٤.
(٢) مَشْكِل إِعْرَاب القُرْآن: ١ /٥٤١.
(٣) البَيَان فِي غَريب إعْرَاب القُرْآن: ٢/ ٢٢٩.
(٤) إعراب القرآن (النحاس) : ٢/ ٥٤٢.
(٥) إعراب القرآن وبيانه وصرفه: ٥/ ٢٧٩.
(٦) سُوْرَةُ الْقَصَصِ: الآية ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>