للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن دلالة إعراب (يذبّح) ـ وهو فعل مضارع مضعف للمبالغة ـ في كونه حالاً أبلغ وأشدّ بلاغة من إعرابه صفة، لأن الصفة هاهنا لا تدلّ على ما يدلّ عليه الحال الذي هو للاستمرارية والدوام، وذلك لأن الحال في مقاييس الإعراب يتوجه للديمومة الزمنية خلافاً للصفة التي هي جامدة في كلّ حالاتها الإعرابية، ونحن إذا ما أعربنا (يذبّح) هاهنا حالاً دللنا على الزمنية المستمرة، أما إعراب ذلك استئنافاً فلا محل له في أوجه الدلالة الإعرابية، إذ تنتفي بذلك زمنية عملية قيام فرعون بالاستضعاف والقتل والتذبيح والاستحياء، لأن الاستئناف جملة جديدة بعد قوله تعالى: {علاَ فِي الأَرْضِ} والجمل الجديدة تستحق أن تعربا حالاً في موقعها.

{وَنُرِيدُ} ((١))

قال السمين الحلبي: " فيه وجهان:

أظهرهما إنه عطف على قوله: {إِنَّ فِرْعَوْنَ} عطف فعلية على اسمية، لأن كلتيهما تفسير للنبأ.

والثاني إنه حال من فاعل (يستضعف) وفيه ضعف من حيث الصناعة، ومن حيث المعنى، أما الصناعة فلكونه مضارعاً مثبتاً فحقه أن يتجرد من الواو وإضمار مبتدأ قبله، أي: ونحن نريد، ولا حاجة إليه، أما المعنى فكيف يجتمع استضعاف فرعون وإرادة المِنَّة من الله تعَاَلىَ؟ لأنه متى منَّ الله عليهم تعذر استضعاف فرعون إياهم، وقد أجيب عن ذلك بأنه لما كانت المِنَّة بخلاصهم من فرعون سريعة الوقوع قريبة جُعلت إرادة وقوعها كأنها مقارنة لاستضعافهم " ((٢)) .


(١) سُوْرَةُ الْقَصَصِ: الآية ٥.
(٢) الدُّرُّ المَصُون: ٥/ ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>