للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعدّ رأي سيبويه الراجح في أَنَّ التوجيه الدلالي للمعنى أنما جعل الصفة أبلغ من الحال والمعلوم أَنَّ يقتتلان فيه فعل مطاوعة ومشاركة فيقارب المعنى أن يكون عموم القتال في كون الصفة أنما لازمت (يقتتلان) بدلالة الآية الأخرى حيث كان الإسرائيلي يقاتل القبطي الآخر مرة أخرى، فدلّ ذلك على ملازمة صفة القتال عدة مرات للإسرائيلي أي إن القتال صار طبعاً له.

{وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} ((١))

قال مكي بن أبي طالب: " أي من أعدائه، ومعناه إذا نظر إليهما الناظر قال ذلك " ((٢)) .

وقال الأَنْبَارِي: " أراد بهما حكاية حال كانت فيما مضى كقوله تعالى:

{وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} ((٣)) ، فأعمل اسم الفاعل وإن كان لماضي على حكاية الحال من (عدوه) ، أي: من أعدائه، وهو يصلح للواحد والجمع " ((٤)) .

وقال النَّحَّاس: " ابتداء وخبر، والمعنى إذا نظر إليهما الناظر قال هذا من شيعته، أي: من بني إسرائيل {وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} ، أي: من قوم فرعون، وعدوّه بمعنى أعداء، وكذا يقال في المؤنث: هي عدو لك ومن العرب من يدخل الهاء في المؤنث هي عدو لك، لأنه بمعنى معادنه عند البصريين وعند

الكوفيين " ((٥)) .

إن رأي ابن الأَنْبَارِي يفيد معنى الدوام كون الحال لما مضى يفيد الدوام. إن جذور العداء بين القبط وبني إسرائيل متأصلة في القدم، أما رأي النَّحَّاس فيفيد قصر المعنى على المبتدأ والخبر في وقته ـ أي وقت موسى (- عليه السلام -) ـ فكانت الرسالة الإعرابية في كون {وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ} للحال الماضي أبلغ وأتم لواقع النص القرآني.


(١) سُوْرَةُ الْقَصَصِ: الآية ١٥.
(٢) مَشْكِل إِعْرَاب القُرْآن: ١/ ٥٤٢.
(٣) سُوْرَة الكَهْفِ: الآية ١٨.
(٤) البَيَان فِي غَريب إعْرَاب القُرْآن: ٢ /٢٣٠.
(٥) إعراب القرآن (النَّحَّاس) : ٢/ ٥٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>