للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاف في (وَيْكَأَنَّ) صرفي ـ نحوي في اشتقاقها وأصلها، ونحن نرجح من استعراض الأقوال السابقة أن أصل (وَيْكَأَنَّ) هو (وي) كلمة الندم، وكاف الخطاب، و (أن) المحذوف ما بعدها، وهو مفهوم رأي سيبويه ـ رَحِمَه الله ـ وما سوى ذلك فتكلف في التقدير وتمحل في الإعراب، وهي منصوبة أو مبنية على النصب على خلاف في ذلك، ولا فائدة في ترجيح أي من القولين فيه، لأن ذلك ما لا يزيد النص القرآني أي دلالة.

{إِلاَ رَحْمَةً} ((١))

قال السمين الحلبي: فيه وجهان:

" أحدهما: هو منقطع، أي: لكن رحمك رحمة.

والآخر: إنه متصل، قال الزمخشري: هذا كلام محمول على المعنى كأنه قيل: وما ألقي إليك الكتاب إلا رحمة، فيكون استثناءً من الأحوال أو من المفعول له " ((٢)) .

والذي أراه أن المستثنى هاهنا في كونه منقطعاً يوازي كونه متصلاً على رأي الزمخشري ـ رَحِمَه الله ـ وإنما الاستثناء منقطع لأنه لم يتقدم في الكلام ما يدلّ عليه، فكان منقطعاً غير متصل، وأما كونه متصلاً فلتلحقه باستمرارية إنزال الكتاب، ونحن نرى أنه استثناء متصل أي أن إنزال الكتاب متعلق بالرحمة في إنزاله، وهو الرأي الذي نرجحه.

{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَ وَجْهَهُ} ((٣))

قال مكي بن أبي طالب: " انتصب الوجه على الاستثناء، ويجوز في الكلام الرفع على معنى الصفة كأنه قال: غير وجهه... كذلك جواز الآية " ((٤)) .

قال القرطبي: " قال الزجّاج: (وَجْهَهُ) منصوب على الاستثناء، ولو كان في غير القرآن كان: إلا وجهه بالرفع بمعنى كلّ شيء غير وجهه هالك " ((٥)) .


(١) سُوْرَةُ الْقَصَصِ: الآية ٨٦.
(٢) الدُّرُّ المَصُون: ٥ /٣٥٥. وينظر أيضاً الكَشَّاف: ٣ /١٩٤.
(٣) سُوْرَةُ الْقَصَصِ: الآية ٨٨.
(٤) مَشْكِل إِعْرَاب القُرْآن: ١ /٥٤٩.
(٥) الجَامِع لأِحْكَام القُرْآن: ٦/ ٥٠٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>