للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا نُصِبُوا لِلْقَوْلِ قَالُوا فَأَحْسَنُوا … وَلَكِنَّ حُسْنَ الْقَوْلِ خَالَفَهُ الْفِعْلُ

وَذَمُّوا لَنَا الدُّنْيَا، وَهُمْ يَرْضَعُونَهَا … أَفَاوِيقَ حَتَّى مَا يَدُرُّ لَهَا ثَعْلُ (١)

وَقَالَ آخَرُ:

لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ، وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ … عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ (٢)

فَصْلٌ

وَيَجِبُ عَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَقْصِدَ بِقَوْلِهِ، وَفِعْلِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى، وَطَلَبَ مَرْضَاتِهِ، خَالِصُ النِّيَّةِ لَا يَشُوبُهُ فِي طَوِيَّتِهِ رِيَاءٌ، وَلَا مِرَاءٌ، وَيَجْتَنِبُ فِي رِيَاسَتِهِ مُنَافَسَةَ (٣) الْخَلْقِ، وَمُفَاخَرَةَ أَبْنَاءِ الْجِنْسِ، لِيَنْشُرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ رِدَاءَ الْقَبُولِ وَعِلْمَ التَّوْفِيقِ، وَيَقْذِفَ لَهُ فِي الْقُلُوبِ مَهَابَةً، وَجَلَالًا، وَمُبَادَرَةً إلَى قَبُولِ قَوْلِهِ بِالسَّمْعِ، وَالطَّاعَةِ. فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ أَرْضَى اللَّهَ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ شَرَّهُمْ، وَمَنْ أَرْضَى النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ إلَيْهِمْ، وَمَنْ أَحْسَنَ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ أَحْسَنَ اللَّهُ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ، وَمَنْ عَمِلَ لِآخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ أَمْرَ دُنْيَاهُ».

وَذَكَرُوا أَنَّ أَتَابِكَ طُغْتِكِينَ (٤)،


= "ثعل". وفي كتاب الأمالى لأبي على القالى، جـ ٢ ص ٤٦ (طبعة دار الكتب المصرية، سنة ١٩٢٦ م)، أن ابن همام هذا كان معاصرا لزياد بن أبيه في أوائل الدولة الأموية.
(١) في س "بدرها بعل"، وما هنا من (لسان العرب). والأفاويق جمع الجمع للفظ "فيقة"، وهي اللبن الذي يتجمع في الضرع (القاموس المحيط). أما الثعل فهو الزيادة في ضرع الناقة، ويقصد به هنا المبالغة في الارتضاع. (لسان العرب).
(٢) انفردت "ص" بإضافة الأبيات الآتية إلى هذا البيت:
يا أيها الرجل المعلم غيره … هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام … وذى الضنا كيما يصح به وأنت سقيم
ونراك تلقح بالرشاد عقولنا … أبدا وأنت من الرشاد عديم
فهناك ينفع ما تقول ويقتدى … بالوعد منك وينفع التعليم
(٣) في س"مناقشة"، وما هنا من النسخ الأخرى.
(٤) في س والنسخ الأخرى "طغدكين"، والصواب ما هنا. وهو طغتكين بن عبد الله أمين الدولة ظاهر الدين أبو منصور، ملوك السلطان طُطش السلجوقي بدمشق. وقد ترقي طغتكين في خدمة سيده حتَّى صار مربيا لولده دقاق، فلما تولى دقاق سلطنة دمشق بعد وفاة أبيه ططش سنة ٤٨٨ هـ (١٠٩٥ م) صار طغتكين أتابكا له وبيده جميع السلطة. ثم مات دقاق وترك أولادا صغارا، فتمكن طغتكين من إعلان نفسه سلطانا بدمشق، ونال رضى السلطان السلجوقي الأعظم بغداد؛ ووقعت بينه وبين الصليبيين، حروب كثيرة، ومات سنة ٥٢٢ هـ (١١٢٨ م). وتولى الحكم من بعده ابنه الأكبر تاج الملوك بوري، =

<<  <  ج: ص:  >  >>