للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَابُ الْعِشْرُونَ

فِي الْحِسْبَةِ عَلَى السَّمَّانِينَ (١)

يَعْتَبِرُ [الْمُحْتَسِبُ] عَلَيْهِمْ الْمَكَايِيلَ وَالْمَوَازِينَ وَالْأَرْطَالَ، عَلَى مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ فِي بَابِهِ، وَيُنْهَوْنَ عَنْ خَلْطِ الْبِضَاعَةِ الرَّدِيئَةِ بِالْجَيِّدَةِ، إذَا اشْتَرَوْا كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا عَلَى انْفِرَادِهَا بِسِعْرٍ، وَعَنْ خَلْطِ عَتِيقِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ بِالْجَدِيدِ، وَأَلَّا يَرُشُّوا الْمَاءَ عَلَى التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ لِيُرَطِّبَهُ وَيَزِيدَ (٢) فِي وَزْنِهِ، وَأَلَّا يَدْهُنُوا الزَّبِيبَ بِالزَّيْتِ، لِيُصَفِّيَ لَوْنَهُ وَيُحَسِّنَ مَنْظَرَهُ (٣). وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْزُجُ الْعَسَلَ الْقَصَبَ بِالْمَاءِ الْحَارِّ، وَيَرُشُّهُ عَلَى الرُّطَبِ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ يَغُشُّ الزَّيْتَ وَقْتَ نِفَاقِهِ بِدُهْنِ الْقُرْطُمِ (٤)، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ [أَنَّهُ] (٥) إذَا تُرِكَ عَلَى النَّارِ يَكُونُ لَهُ دُخَانٌ عَظِيمٌ يَخْنُقُ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْلِطُ الشَّيْرَجَ لِوَقْتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْزُجُ الزَّيْتَ الَّذِي قَدْ تَرَكَ فِيهِ الْجُبْنَ فِي الْخَوَابِي بِالزَّيْتِ (٦) الصَّافِي، وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ يَدْكَنُ (٧) فِي السِّرَاجِ؛ وَأَيْضًا يَكُونُ زَفَرًا. وَأَكْثَرُهُمْ يَغُشُّ الْخَلَّ بِالْمَاءِ؛ وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّ الْخَالِصَ إذَا صُبَّ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى الْأَرْضِ نَشَّ (٨)، وَالْمَشُوبُ بِالْمَاءِ لَا يَنُشُّ؛ وَأَيْضًا إذَا وُضِعَتْ (٩) فِيهِ حَشِيشَةُ الطُّحْلُبِ فَإِنَّهَا تَشْرَبُ الْمَاءَ دُونَ الْخَلِّ. وَكَذَلِكَ اللَّبَنُ الْمَشُوبُ بِالْمَاءِ إذَا طُرِحَتْ فِيهِ هَذِهِ الْحَشِيشَةُ فَصَلَتْ بَيْنَ الْمَاءِ وَاللَّبَنِ؛ وَأَيْضًا يُعْرَفُ غِشُّ اللَّبَنِ بِالْحَلِيبِ (١٠) بِأَنْ يَغْمِسَ [الْمُحْتَسِبُ] فِيهِ شَعْرَةً، ثُمَّ


(١) السمانون - ومفرده سمان - بائعو السمن، وليس في ذلك ما يدعو إلى تفسير، إنما الذي يدعو إلى الالتفات هنا أن السمان في مصر في العصور الوسطى - كالزيات في العصور الحديثة - كان يتجر في كثير من حاجات البيوت، فضلا عن السمن وغيره من المأكولات السائلة.
(٢) في س "ويزيده"، وما هنا من ل.
(٣) في س "نظره"، وما هنا من النسخ الأخرى.
(٤) القرطم نبات تنمو أوراقه في طرف الساق، وكان يسحق ويستخدم مسحوقه لمعالجة بعض الأمراض. (ابن سينا: القانون، جـ ١، ص ٤١٩).
(٥) الإضافة من ل فقط.
(٦) عبارة س هي "في خوابي الزيت الصافي". والتصويب من هـ.
(٧) في س "ينفع"، وما هنا من ل، هـ، والمقصود أن الزيت المغشوش يفرقع في اللهب. (القاموس المحيط).
(٨) معنى نشّ هنا، سمع له صوت عند صبه. (لسان العرب).
(٩) في س "وقع"، وما هنا من ل.
(١٠) الحليب من اللبن ما كان طبيعيا لا يخالطه شيء من الحموضة والخرافة والملوحة، بل يكون فيه حلاوة يسيرة ورائحة طيبة. (ابن البيطار: المفردات، جـ ٤، ص ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>