للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَابُ الثَّلَاثُونَ

فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الصَّيَارِفِ (١)

التَّعَيُّشُ (٢) بِالصَّرْفِ خَطَرٌ عَلَى دِينِ مُتَعَاطِيهِ، بَلْ لَا بَقَاءَ لِلدِّينِ مَعَهُ إذَا كَانَ الصَّيْرَفِيُّ جَاهِلًا بِالشَّرِيعَةِ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَحْكَامِ الرِّبَا. فَالْوَاجِبُ أَلَّا يَتَعَاطَاهُ [أَحَدٌ] (٣) إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِالشَّرْعِ، لِيَتَجَنَّبَ الْوُقُوعَ فِي الْمَحْظُورِ مِنْ أَبْوَابِهِ. وَعَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَتَفَقَّدَ سُوقَهُمْ، وَيَتَجَسَّسَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ عَثَرَ بِمَنْ رَابَى - أَوْ فَعَلَ فِي الصَّرْفِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الشَّرِيعَةِ - عَزَّرَهُ وَأَقَامَهُ مِنْ السُّوقِ. هَذَا بَعْدَ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ بِأُصُولِ مَسَائِلِ الرِّبَا، وَأَنَّهُ [لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ (٤) أَنْ] يَبِيعَ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ، إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ؛ فَإِنْ أَخَذَ [الصَّيْرَفِيُّ] زِيَادَةً عَلَى الْمِثْلِ، أَوْ تَفَرَّقَا (٥) قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ ذَلِكَ حَرَامًا.

وَأَمَّا بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ، فَيَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ (٦)، وَيُحَرَّمُ فِيهِ النَّسَا (٧) وَالتَّفَرُّقُ قَبْلَ الْقَبْضِ. وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْخَالِصِ بِالْمَغْشُوشِ، وَلَا بَيْعُ الْمَغْشُوشِ بِالْمَغْشُوشِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، كَبَيْعِ الدَّنَانِيرِ الْمِصْرِيَّةِ (٨) بِالدَّنَانِيرِ الصُّورِيَّةِ (٩)، أَوْ الصُّورِيَّةِ


(١) يعرّف الفقهاء الصَّرف بأنه عقد بيع السلع أو العملة بعضها ببعض، بشروط خاصة وردت في في كتب الفقه؛ والصّراف هو الذي يتولى هذه العملية. (لسان العرب؛ Ency. Isl. Art. Sarf) .
(٢) في س "التمعيش"، وجميع النسخ الأخرى أخطأت كذلك في إيراد هذا اللفظ، والصواب لغة كالمثبت هنا بالمتن.
(٣) الإضافة من ل، هـ.
(٤) الإضافة من ل، هـ، بعد تعديل العبارة بما يناسب الأسلوب.
(٥) التفرق يقصد به افتراق المشتري عن البائع.
(٦) التفاضل عدم المثلية في النقود. (ابن رشد: بداية المجتهد، جـ ٢، ص ١٦١).
(٧) النسا - والنسيا والنسيئة أيضًا - الدفع مؤجلا، وهو عكس الفور. (ابن رشد: بداية المجتهد جـ ٢، ص ١٦٠ - ١٦١).
(٨) الدنانير المصرية هي الدنانير القديمة التي ضربت في عهد الفاطميين الأوائل، وقد احتفظت بعيارها على مرّ السنين. (٤٤٨ De Bouard: I' Evolution Monetaire de I' Egypte Medievale p.) .
(٩) الدنانير المصرية هي الدنانير القديمة التي استخدمها أهل الشام والعراق في معاملاتهم منذ أيام الفاطميين، وكان ضربها بمدينة صور بالشام، ولذا نسبت إليها. ثم سقطت تلك المدينة في يد الصليبيين سنة ٥١٨ هـ (١١٢٤ م)، فلم يبطل ضرب الدنانير الصورية بها إلا بعد وفاة الخليفة الآمر الفاطمي، على أنها ظلت متداولة بين لمسلمين مدة طويلة، ونقشت صور ملوكهم على وجوهها. راجع (٤٧٤ - ٤٧١. Sauvaire: Op. Cit. Journ، As. ٧ e Serie، T. XV pp؛ وكذلك القلشقند: صبح الأعشى، جـ ٣، ص ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>