للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملحق الثاني:

نصُّ سجلٌّ بولاية الحسبة في عهد الدولة الأيوبية، وهو من إنشاء القاضي الفاضل، وبه من الدقة والقدرة على التعبير في النصف الثاني منه ما جعله تلخيصا وافيًا بجميع واجبات الحسبة والشروط التي ينبغي أن تتوفر في المحتسب، وذلك في غير إطالة أو اختصار، مما حمل الناشر على إيراد ذلك السجل هنا برغم سبق وروده مطبوعا في القلقشندي (صبح الأعشى، ج ١٠، ص ٤٦٠ - ٤٦).

"مَن شُكرت خلائقُه، وتهذَّبت طرائقُه، وأُمِنَتْ فيما يتولاه بوائِقُه، ونيطت بعرُى الصواب علائقُه، وفُرِجت بسَدَادِه مسالكُ الإشكال ومَضايقُه، واستَحْوى من الأمانة قَرينًا في التصرّفات يُرافِقُه ولا يفارِقه، ونهض إلى الاستحقاق ولم تَعُقْه دونه عوائقه، وأثنى عليه لسانُ الاختبار وهو صحيح القول صادقُه، [و] استوجب أن يُخَصَّ من كلِّ قولٍ بأجمله، وأن يُعَان على نَيْل رجائه وبلوغِ أَمّله، وأن يُقْتدح زَنْدُ نيّته ليُرى نورُ عمله، وتُيَسَّر إلى النجاح متوعَّرات طُرُقه ومشكلاتُ سُبُله، وأن يقابل جَرَيانُه في الولاية قِبَله، فيظهَر عليه أثرُ الإحسان فيَكون الشكر من قِبَل الإحسان لا مِن قِبَله، ويُورَدَ من موارد النجح ما يتكفَّل له بالريّ من غُلَله، ويُوسَمَ من مَيَاسمَ الاصطناع ما يكون حليةَ أوصالِهِ ويُشْفَعُ سداد خِلاله في سَدّ خلله.

ولما كنت أيها الشيخُ المشتملَ على ما تقدَّم ذكره، المستكملَ من الوصف ما يجبُ شكرُه، الآوِىَ إلى حِرْز من الصيانة حَريز، المستغنِىَ بغنائه عن الاستظهار بِعِزْوة (١) العزيز، المستوجَبَ إلى أن يُعَدّ من أهل التَّمييز لأنَّهُ من أهل التَّمييز، المستوعبَ من الحلال الجميلة ما لا يقتضيه القول الوجيز، المخرَجَ من قضايا الدنايا فما يستبيح محرَّمها ولا يستجيز، الممدَّحَ في خدمٍ كلها أخلصته خَلَاص الذهب الإبريز، وكانت له مضمارًا تشهدُ له أفعاله [فيها] بالسبق والتبريز، المتوسِّلَ بأمانةٍ عزَّ بها جنابه عن الشبهة ووِجدانُها في الناس عزيز -


(١) العزوة هي الاعتزاء إلى أحد الكبراء من الناس. (القلقشندى: صبح الأعشى، ج ١٠، ص ٤٦٠ - ٤٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>