للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْجَزَّارِينَ، وَالْقَصَّابِينَ (١)

يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْجَزَّارُ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا، يَذْكُرُ اسْمَ اللَّهِ عَلَى الذَّبِيحَةِ، وَأَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، وَأَنْ يَنْحَرَ الْإِبِلَ مَعْقُولَةً، وَيَذْبَحَ الْبَقَرَ، وَالْغَنَمَ مُضْطَجِعَةً عَلَى الْجَنْبِ الْأَيْسَرِ؛ فَجَمِيعُ ذَلِكَ وَرَدَتْ بِهِ السُّنَّةُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَا يَجُرُّ الشَّاةَ بِرِجْلِهَا جَرًّا عَنِيفًا، وَلَا يَذْبَحُ بِسِكِّينٍ كَالَّةٍ (٢)؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لِلْحَيَوَانِ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ، وَيَلْزَمُهُ فِي الذَّبْحِ أَنْ يَقْطَعَ الْوَدَجَيْنِ وَالْمَرِيءَ، وَالْحُلْقُومَ، وَلَا يَشْرَعَ فِي السَّلْخِ بَعْدَ الذَّبْحِ حَتَّى تَبْرُدَ الشَّاةُ، وَيَخْرُجَ مِنْهَا الرُّوحُ؛؛ لِأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَرَ مُنَادِيًا يُنَادِي فِي الْمَدِينَةِ، " لَا تُسْلَخُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ حَتَّى تَبْرُدَ ".

وَتَجُوزُ الذَّكَاةُ (٣) بِكُلِّ شَيْءٍ إلَّا السِّنَّ، وَالظُّفْرَ (٤)، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الذَّكَاةِ بِهِمَا، وَيُنْهِي الْمُحْتَسِبُ عَنْ نَفْخِ لَحْمِ الشَّاةِ بَعْدَ السَّلْخِ؛ لِأَنَّ نَكْهَةَ (٥) الْآدَمِيِّ تُغَيِّرُ اللَّحْمَ، وَتُزَفِّرُهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَشُقُّ اللَّحْمَ مِنْ الصِّفَاقَيْنِ (٦)، وَيَنْفُخُ فِيهِ الْمَاءَ، وَلَهُمْ أَمَاكِنُ يَعْرِفُونَهَا فِي اللَّحْمِ يَنْفُخُونَ فِيهَا الْمَاءَ فَيُرَاعِيهِمْ الْمُحْتَسِبُ عِنْدَ غَيْبَةِ الْعَرِيفِ (٧)، وَمِنْهُمْ مِنْ يُشْهِرُ فِي الْأَسْوَاقِ الْبَقَرَ السِّمَانَ، ثُمَّ يَذْبَحُ غَيْرَهَا، وَهَذَا تَدْلِيسٌ.


(١) الجزار هو الذي يذبح الماشية للبيع، والقصاب هو الذي يبيعها للناس.
(٢) في س "كال"، وما هنا من سائر النسخ الأخرى.
(٣) في س "الزكاة"، وما هنا من ص، ل، ع. انظر الحاشية التالية بهذه الصفحة.
(٤) أجمع العلماء بأن التذكية أو الذكاة - أي الذبح - جائزة بكل ما أنهر الدم وفرى الأوداج، من حديد أو صخر أو عود أو قضيب؛ واختلفوا في جواز استخدام السن (العظم) والظفر - مثل مدى بلاد الحبشة - لأن هذه الأشياء ليس في طبعها أن تنهر بالدم غالبًا. (ابن رشد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، جـ ١، ص ٣٥٨).
(٥) في س "نهكة"، والتصويب من النسخ الأخرى.
(٦) في جميع النسخ "السفاقين"، وما هنا من أقرب الموارد، جـ ١، ص ٦٥٢؛ ويقصد بالصفاق جلد البطن. (الثعالبي: فقه اللغة، ص ٩٥).
(٧) في ل، هـ "فيراعيهم العريف عند غيبة المحتسب".

<<  <  ج: ص:  >  >>