للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخْرِجُهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَقْ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ اللَّبَنِ يَكُونُ مَغْشُوشًا بِالْمَاءِ، وَإِنْ عَلَقَ اللَّبَنُ وَتَكَوْكَبَ (١) كَانَ خَالِصًا.

وَيَعْتَبِرُ [الْمُحْتَسِبُ] عَلَيْهِمْ الْمُخَلَّلَ عَلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِهِ - إذَا طُرِحَ عَلَيْهِ الْكَرَجُ (٢) - فَكُلَّمَا كَانَ مِجَسُّهُ يَابِسًا قَوِيًّا أُعِيدَ إلَى الْخَلِّ الثَّقِيفِ (٣)، وَكُلَّمَا لَانَ مِجَسُّهُ رُمِيَ بِهِ، فَإِنَّهُ قَدْ فَسَدَ. وَمَتَى حَمُضَتْ عِنْدَهُمْ الْكَوَامِخُ يَأْمُرُ [الْمُحْتَسِبُ] بِإِرَاقَتِهَا خَارِجَ الْبَلَدِ، فَإِنَّهَا لَا تَصْلُحُ بَعْدَ حَمْضِهَا. وَكُلَّمَا تَغَيَّرَ عِنْدَهُمْ - أَوْ فَسَدَ وَدَوَّدَ -[شَيْءٌ] مِنْ الْجُبْنِ المكسود فِي الْخَوَابِي (٤) وَالشُّحُومِ وَالْأَدْهَانِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ بَيْعُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ بِالنَّاسِ؛ وَكَذَلِكَ الْكَبَرُ (٥) إذَا دَوَّدَ فِي خَوَابِيهِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَمْنَعَهُمْ [الْمُحْتَسِبُ] مِنْ عَمَلِ الْمَرِيِّ (٦) الْمَطْبُوخِ عَلَى النَّارِ، فَإِنَّهُ يُورِثُ الْجُذَامَ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ مَرْيًا (٧) يَبِيعُهُ مِنْ يَوْمِهِ، وَهُوَ أَنْ يَأْخُذَ رُبَّ الخرنوب، أَوْ عَسَلَ الْقَصَبِ وَالْكَمُّونِ وَالْكَرَاوْيَا وَالسُّمَّاقِ، وَيَلُتُّ الْجَمِيعَ بِدَقِيقِ الشَّعِيرِ؛ وَهَذَا أَيْضًا كَثِيرُ الْمَضَرَّةِ، فَيَمْنَعُهُمْ [الْمُحْتَسِبُ] مِنْ عَمَلِهِ. وَقَدْ يَخْلِطُونَ الْأَبَازِيرَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْلِطُ الكراويا بِبُزُورِ حَشِيشَةٍ يُقَالُ لَهَا عَيْنُ الْحَيَّةِ، تُشْبِهُ الكراويا فِي اللَّوْنِ، إلَّا أَنَّ حَبَّتَهَا أَكْبَرُ قَلِيلًا، وَلَا رَائِحَةَ لَهَا؛ فَيَعْتَبِرُ [الْمُحْتَسِبُ] ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.

وَقَدْ يَغُشُّونَ الدِّبْسَ الْبَعْلَبَكَّيَّ بِدَقِيقِ الْحَوَارَيِّ (٨) وَالْكِدَّانِ (٩): وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ إذَا جُعِلَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْمَاءِ رَسَبَ الْحَوَارَيُّ فِي أَسْفَلِ الْإِنَاءِ، وَرُبَّمَا بَقِيَ لِلْمَاءِ رَغْوَةٌ. وَأَكْثَرُهُمْ يَمْزُجُونَ الْعَسَلَ النَّحْلَ بِالْمَاءِ، وَعَلَامَةُ غِشِّهِ أَنَّهُ يَبْقَى فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ مُحَبَّبًا كَالسَّمِيذِ، وَفِي زَمَنِ الصَّيْفِ يَكُونُ مَائِعًا رَقِيقًا. وَمِنْهُمْ مَنْ يَدُقُّ قُشُورَ الرُّمَّانِ وَيَغُشُّ


(١) في س "تكركب"، وما هنا من ل. (راجع حاشية ٣، ص ٤٩).
(٢) الكرج في الفارسية القطعة من البطيخ (Steingass: Pers. Eng. Dict.) ، وفي العربية توصف الأشياء التي تفسد وتعلوها خضرة بأنها مكرّجة (لسان العرب)؛ وربما كان المقصود هنا بالكرج ما فسد من قشر البطيخ المخلل.
(٣) المقصود بذلك الخل الشديد الحموضة. (أقرب الموارد).
(٤) عبارة س "من الجين في الخوابي المكسورة"، وما هنا من ل، هـ، وهو الأصوب فيما يبدو.
(٥) الكبر نبات شوكي (النويري: نهاية الأرب، جـ ١٢، ص ١٥٧)، ويعمل منه كامخ بالريف بمصر حتَّى الوقت الحاضر.
(٦) المري نوع من الكامخ يؤتدم به، يَتَّخِذَ إما من السمك المالح واللحوم المالحة، وإما من خبز الشعير أو الحنطة المحروقة. (النويري: نهاية الأرب، جـ ١١، ص ٤٧، حاشية ٦).
(٧) في س "ريا"، وما هنا من سائر النسخ الأخرى.
(٨) في س "الحرارة"، وما هنا من ل، والحواري دقيق لب الحنطة؛ أي الدقيق الناعم الخالص.
(النويري: نهاية الأرب، جـ ١٢، ص ١٤٤).
(٩) الكدّان نوع من الحصى، يؤخذ من التربة الصلبة المتماسكة. (Dozy: Supp. Dict، Ar.) .

<<  <  ج: ص:  >  >>