للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمَعَاجِينَ بَدَلًا مِنْ السُّكَّرِ وَالْعَسَلِ النَّحْلِ. فَيُحَلِّفُهُمْ الْمُحْتَسِبُ أَنَّهُمْ لَا يَعْمَلُونَهُ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ، وَيُحَرِّفُ الْأَمْزِجَةَ وَيُفْسِدُهَا. وَمَعْرِفَةُ غِشِّهِ (١) أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ إلَى السَّوَادِ إذَا أُضِيفَ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ، وَتَظْهَرُ فِيهِ رَائِحَةُ الْخَلِّ إذَا مَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ. وَأَيْضًا يَطْرَحُ [الْمُحْتَسِبُ] مِنْهُ شَيْئًا فِي وَسَطِ الرَّاحَةِ، وَيُقَطِّرُ عَلَيْهِ (٢) الْمَاءَ، ثُمَّ يَحُلُّهُ بِأُصْبُعِهِ، فَإِنَّ الْعَسَلَ يَبْيَضُّ مِثْلَ الفانيد (٣).

وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ [الْمُحْتَسِبُ] عَلَيْهِمْ الْأَشْرِبَةَ فِي رَأْسِ كُلِّ شَهْرٍ، فَمَا وُجِدَ فِيهَا حَامِضًا لِتَطَاوُلِ الْمُدَّةِ عَلَيْهِ وَمُتَغَيِّرًا، فَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ أَنْ يُعِيدَهُ إلَى الطَّبْخِ ثَانِيًا، لِفَسَادِ مِزَاجِهَا وَانْحِرَافِ طَبْعِهَا، سِوَى شَرَابِ الْوَرْدِ [وَشَرَابِ] (٤) الْبَنَفْسَجِ، فَإِنَّ تَغَيُّرَهُمَا يَكُونُ سَرِيعًا، وَرَدَّهُمَا إلَى الطَّبْخِ يَزِيدُهُمَا قُوَّةً وَبَقَاءً وَنَفْعًا لِلْمَعِدَةِ. والسكنجبين (٥) البزوري، مَتَى كَانَ لَوْنُهُ مَائِلًا إلَى السَّوَادِ فَهُوَ مَغْشُوشٌ بِعَسَلِ الْقَصَبِ الْمَذْكُورِ؛ وَكَذَلِكَ الْمَعَاجِينُ، إذَا تَغَيَّرَتْ فِي الْبَرَانِيِّ وَحَمِضَتْ، أَوْ نَتُنَتْ تَكُونُ مَغْشُوشَةً بِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَيَنْبَغِي لِلصَّانِعِ أَنْ يُقَوِّيَ عَقْدَ جَمِيعِ الْأَشْرِبَةِ حَتَّى يَصِيرَ لَهَا قَوَامٌ، وَإِذَا عَقَدَ (٦) مِنْ الْعُنَّابِ شَرَابًا قَوَّاهُ بِكَثْرَتِهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ لُطْفِيَّ (٧) الدَّمِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْجِنُ عَكِرَ الْخَلِّ بِدِبْسٍ (٨) وشادوران، ثُمَّ يَدْكُنُ وَيَبِيعُهُ (٩) عَلَى أَنَّهُ عُصَارَةُ برباريس (١٠).


(١) الضمير عائد على عسل القصب الوارد بالصفحة السابقة.
(٢) في س "عليها"، وما هنا من ل.
(٣) الفانيد عصارة القصب تطبخ حتَّى تصير أغلظ وأكثر صلابة من السكر الأبيض المعتاد، وكان هذا الفانيد مستعملا للسعال وبرد الرحم والأمعاء، واشتهرت بلاد مکران بجنوب إيران بصناعته، ومنها حمل إلى البلاد الأخرى. (ابن سينا: القانون، جـ ١، ص ٤٠٥).
(٤) الإضافة من ل، هـ.
(٥) في س "السلنجين"، ومن هنا من ص، ل، هـ. والسكنجبين شراب يَتَّخِذَ من العسل والخلّ (الخوارزي: مفاتيح العلوم، ص ١٠٤)، والسكنجبين البزوري هو الشراب المضاف إليه بزور بعض النباتات بعد دقها. (الشيرازي: كتاب الحاوي في علم التداوي، ص ٢٥).
(٦) في س "عقدت".
(٧) في س "لطفيه"، وما هنا من ع.
(٨) الدبس عسل البلح. (راجع حاشية ٧، ص ٤٠)، والشادروان حجر أسود برّاق (راجع حاشية ٦، ص ٤٨).
(٩) في س "ينقعه"، وما هنا من ل، هـ.
(١٠) البرباريس شجرة شوكية كانت تتخذ عصارتها وحبوبها في الأدوية. (ابن البيطار: المفردات، جـ ١، ص ٥٥؛ مجلة المشرق، سنة ١٩٠٨، العدد ١١، ص ٥٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>