للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَشْتَرِي سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، فَإِذَا انْعَقَدَ الْعَقْدُ، وَطَلَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، نَقَصَهُ (١) [الْمُشْتَرِي] مِنْهُ شَيْئًا، وَهَذَا لَا يَجُوزُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَشْتَرِي سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ، فَإِذَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا، وَرَجَعَ بِالْأَرْشِ (٢) عَلَى بَائِعِهَا، يُخْبِرُ بِرَأْسِ مَالِهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُوَاطِئُ جَارَهُ، أَوْ غُلَامَهُ، فَيَبِيعُهُ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا، ثُمَّ يَشْتَرِيه مِنْهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، لِيُخْبِرَ بِهَا فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، وَيَقُولُ اشْتَرَيْته بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ وَجَمِيعُ ذَلِكَ حَرَامٌ لَا يَجُوزُ.

فَإِذَا اشْتَرَى [التَّاجِرُ] ثَوْبًا بِعَشَرَةِ [دَرَاهِمَ (٣)]، ثُمَّ قَصَّرَهُ بِدِرْهَمٍ، [وَطَرَّزَهُ بِدِرْهَمٍ (٤)]، وَرَفَاهُ بِدِرْهَمٍ، فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ اشْتَرَيْته بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، لِأَنَّهُ يَكُونُ كَاذِبًا، بَلْ يَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، [أَوْ هُوَ عَلَيَّ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا. وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي قَصَّرَهُ وَطَرَّزَهُ وَرَفَاهُ بِنَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْإِنْسَانِ لَا يَقُومُ عَلَيْهِ، وَلَا يَقُولُ رَأْسُ مَالِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا (٥)]، لِأَنَّهُ (٦) يَكُونُ كَاذِبًا، بَلْ يَقُولُ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةِ [دَرَاهِمَ (٧)]، وَعَمِلْت فِيهِ عَمَلًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ [دَرَاهِمَ (٨)]. فَعَلَى الْمُحْتَسِبِ أَنْ يَعْتَبِرَ عَلَيْهِمْ جَمِيعَ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ فِعْلِ ذَلِكَ، وَيَتَفَقَّدَ مَوَازِينَهُمْ وَأَذْرِعَتِهِمْ؛ وَيَمْنَعَهُمْ مِنْ شَرِكَةِ الْمُنَادِي وَالدَّلَّالِ (٩)، وَيُرَاعِيَ حُسْنَ مُعَامَلَتِهِمْ مَعَ الْمُشْتَرِينَ وَجَلَّابِي (١٠) الْبَضَائِعِ، وَصِدْقَ الْقَوْلِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ.


(١) في س "فقبض"، وما هنا من ل، هـ.
(٢) الأرش في اللغة الدية والخدش، والمقصود هنا التعويض يدفعه البائع عن العيب الذي قد يوجد في السلعة بعد بيعها. (القاموس المحيط؛ ابن رشد: بداية المجتهد ونهاية المقتصد، جـ ٢، ص ١٥١).
(٣) الإضافة من ل.
(٤) ما بين الحاصرتين وارد في هـ فقط.
(٥) الإضاءة من ل، هـ، ص.
(٦) في س "بل أَنَّهُ"، وما هنا من هـ.
(٧)، (٨) الإضافة من ل، هـ، ص، م.
(٩) يقابل هذه الفقرة في ص، م عبارات تختلف عما في المتن هنا حتَّى نهاية الفصل، ونصها: "ويراعى [المحتسب] الدلالين، فإن فيهم من ينادي على السلعة حتَّى تنتهي [المناداة]، ويشتريها هو لنفسه، ويقول للتاجر ما رضى صاحبها ببيعها. ومن الدلالين من لا يبيع التاجر سلعة إلا أن يُجعل له شيء عنده، ومنهم من يزيد في السلعة من عنده. وتدليسهم كثير، فليراعيهم [المحتسب] ولا يهمل أمرهم، فإنهم قليلو الدين. قال بعضهم إبليس علمهم الكذب، وزادوا على الكذب الأيمان الحانثة، والله أعلم".
(١٠) في س "جلابين".

<<  <  ج: ص:  >  >>