[الْمُعَلَّقُ لَا يُنْجَزُ]
وَلِهَذَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ فَقَالَ: إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ قَالَ قَبْلَ الصِّفَةِ: عَجَّلْت لَك مَا كُنْت عَلَّقْته عَلَى الشَّرْطِ " لِتَطْلُقِي " فِي الْحَالِ لَمْ تَطْلُقْ فِي الْأَصَحِّ، بَلْ إذَا " وُجِدَ " الشَّرْطُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَهُ إيقَاعٌ وَوُقُوعٌ فَالْإِيقَاعُ إلَى الزَّوْجِ وَالْوُقُوعُ إلَى الشَّرْعِ، " فَلَمَّا " فَوَّضَ الزَّوْجُ الْوُقُوعَ إلَى الشَّرْعِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ صَارَ وُقُوعُهُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَمْ يَمْلِكْ الزَّوْجُ أَنْ يُزِيلَ حُكْمًا ثَابِتًا بِالشَّرْعِ وَمِثْلُهُ لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ أَرَادَ صَوْمَ يَوْمٍ قَبْلَهُ لَمْ يَجُزْ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَجَّلَ الْجُعْلَ فِي الْجَعَالَةِ قَبْلَ وُجُودِ " الْآبِقِ "، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْأَوْقَاتِ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا، كَمَا لَوْ قَالَ الزَّوْجُ: عَجَّلْت لَك الْحَقَّ الَّذِي ثَبَتَ لَك عِنْدَ " مُضِيِّ " مُدَّةِ الْفَيْئَةِ وَالْإِيلَاءُ لَمْ يَتَعَجَّلْ وَخَالَفَ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ فَإِنَّهُ يَتَعَجَّلُ بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ عَلَى رَأْيٍ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الدَّيْنِ وَاجِبٌ وَإِنَّمَا تَأَخَّرَتْ الْمُطَالَبَةُ، " فَالتَّعْجِيلُ " مُوَافِقٌ لِمُقْتَضَى الْأَصْلِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّافِعِيَّ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا قَالَ: عَجَّلْت تِلْكَ الطَّلْقَةَ " الْمُعَلَّقَةَ " وَصَوَّرَهَا الْبَنْدَنِيجِيُّ " بِمَا " إذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ تِلْكَ الطَّلْقَةَ السَّاعَةَ وَقَدْ عَجَّلْت إيقَاعَهَا عَلَيْك الْآنَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute