للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تَعَارُضُ الْوَاجِبَيْنِ]

ِ يُقَدَّمُ آكَدُهُمَا فَيُقَدَّمُ فَرْضُ الْعَيْنِ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ، وَلِهَذَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الطَّوَافِ: قَطْعُ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ، لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ مَكْرُوهٌ، إذْ لَا يَحْسُنُ تَرْكُ فَرْضِ الْعَيْنِ (لِفَرْضِ) الْكِفَايَةِ، وَقَالَ فِي بَابِ الْكُسُوفِ: لَوْ اجْتَمَعَ جِنَازَةٌ وَجُمُعَةٌ وَضَاقَ الْوَقْتُ، قُدِّمَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجِنَازَةَ؛ لِأَنَّ (لِلْجُمُعَةِ) بَدَلًا، وَقَالَ فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ فِي سَفَرِ الْجِهَادِ، إلَّا (بِإِذْنِ) الْمُدَايِنِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَتْرُكَ الْفَرْضَ الْمُتَعَيَّنَ عَلَيْهِ، وَيَشْتَغِلَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ. قُلْت: وَكُلُّ هَذَا يَرُدُّ إطْلَاقَ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ الْقِيَامِ بِفَرْضِ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ (إسْقَاطِهِ الْحَرَجَ عَنْ الْأُمَّةِ) ، وَالْعَمَلُ الْمُتَعَدِّي أَفْضَلُ مِنْ الْقَاصِرِ، وَمِنْ هَذَا لَيْسَ لِلْوَالِدَيْنِ مَنْعُ الْوَلَدِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ الْجِهَادِ، (فَإِنَّهُ) لَا يَجُوزُ، إلَّا بِرِضَاهُمَا؛ لِأَنَّ بِرَّهُمَا فَرْضُ عَيْنٍ وَالْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَفَرْضُ (الْعَيْنِ) مُقَدَّمٌ.

نَعَمْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَقَالُوا: إنْ كَانَ مُتَعَيَّنًا فَلَيْسَ لَهُمَا مَنْعُهُ، (وَكَذَا، إنْ) كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ (عَلَى) الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ بِالْخُرُوجِ إلَيْهِ يَدْفَعُ الْإِثْمَ عَنْ نَفْسِهِ كَالْفَرْضِ الْمُتَعَيَّنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>