وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ أَنَّ الْجِهَادَ مَا دَامَ فَرْضَ كِفَايَةٍ، فَالِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْهُ، فَإِنْ صَارَ الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ، فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْعِلْمِ، سَوَاءٌ كَانَ الْعِلْمُ فَرْضَ عَيْنٍ أَوْ كِفَايَةٍ. قُلْت: وَعَلَى الْأَوَّلِ (يَنْزِلُ) نَصُّ الشَّافِعِيِّ، الَّذِي حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ: لَيْسَ بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرْضِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ، قِيلَ (لَهُ) : وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
(وَإِنْ) اجْتَمَعَ فَرْضَا عَيْنٍ، فَإِمَّا أَنْ (يَكُونَا) لِلَّهِ، أَوْ لَهُ وَلِآدَمِيٍّ فَإِنْ كَانَا لِلَّهِ (تَعَالَى) ، قُدِّمَ آكَدُهُمَا؛ وَلِهَذَا لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ (فَرِيضَةٍ) ، وَقَضَاءِ (الْفَائِتَةِ) كَانَ فَرْضُ الْوَقْتِ أَوْلَى، كَمَا لَوْ اجْتَمَعَ عِيدٌ (وَكُسُوفٌ) وَضَاقَ الْوَقْتُ يُصَلَّى الْعِيدُ؛ لِأَنَّهُ آكَدُ، وَلَوْ احْتَاجَ إلَى شِرَاءِ الثَّوْبِ وَالْمَاءِ، وَلَمْ يَقْدِرْ، إلَّا عَلَى أَحَدِهِمَا اشْتَرَى الثَّوْبَ وَيُقَدَّمُ مَا لَا يُتْرَكُ بِالْعُذْرِ أَلْبَتَّةَ، كَمَا لَوْ ابْتَلَعَ طَرَفَ خَيْطٍ بِاللَّيْلِ وَطَرَفُهُ الْآخَرِ خَارِجٌ، وَأَصْبَحَ كَذَلِكَ، فَإِنْ تَرَكَهُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ نَزَعَهُ أَوْ ابْتَلَعَهُ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَادِرَ فَقِيهٌ إلَى نَزْعِهِ وَهُوَ غَافِلٌ، (وَإِنْ) لَمْ يَتَّفِقْ فَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَاةِ بِنَزْعِهِ أَوْ ابْتِلَاعِهِ أَوْلَى، وَيَقْضِي الصَّوْمَ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ يُتْرَكُ بِالْعُذْرِ، وَقِيلَ: الْأَوْلَى تَرْكُهُ مُحَافَظَةً عَلَى الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ مَرَّةٌ فِي السَّنَةِ، وَيُصَلِّي لِلضَّرُورَةِ وَيَقْضِي الصَّلَاةَ، وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute