{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: ١] لِأَنَّهُمْ قَالُوا إنَّهُمْ يَشْهَدُونَ بِالرِّسَالَةِ وَهُمْ لَا يَشْهَدُونَ بِهَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِهَا اعْتِقَادُهَا أَوْ الْإِخْبَارُ بِهَا عَلَى وَجْهِ الِانْقِيَادِ وَمُوَاطَأَةُ الظَّاهِرِ لِلْبَاطِنِ وَأَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ بِكَذِبِ الشُّهُودِ أَنَّهُمْ أَخْبَرُوا عَنْ غَيْرِ عِلْمٍ فَلَهُمْ حُكْمُ الْكَاذِبِينَ (إذْ) رَضُوا بِخَبَرٍ يُجَوِّزُونَ كَذِبَهُ جَوَازًا غَيْرَ بَعِيدٍ، (فَذَلِكَ) رِضًا بِالْكَذِبِ، وَهَذَا فِي قَوْلِهِ مُبْطِلِينَ غَيْرُ مُنَافٍ لِلظَّاهِرِ، فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ.
[الْخِبْرَةُ الْبَاطِنَة]
ُ قَالَ الْإِمَامُ: قَالَ الْأَئِمَّةُ: تُعْتَبَرُ فِي ثَلَاثِ شَهَادَاتٍ: الشَّهَادَةِ عَلَى أَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الْعَدَالَةِ، وَعَلَى الْإِعْدَامِ. قُلْت: وَالْأُولَيَانِ مِنْ مَنْصُوصَاتِ الْأُمِّ، وَشَرْطُ الثَّانِيَةِ أَنْ تَكُونَ مَعْرِفَتُهُ مُتَقَادِمَةً، قَالَ الْإِمَامُ، وَإِنَّمَا (شَرَطْنَاهَا) فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّ مُسْتَنَدَ الشَّهَادَةِ فِيهَا (السَّتْرُ) عَلَى وَجْهٍ لَا يُسْتَيْقَنُ، وَلَكِنْ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى قَبُولِ الْبَيِّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَنَازِلِ، وَالِاكْتِفَاءِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ، وَإِلَّا لَتَعَطَّلَ تَعْدِيلُ الشُّهُودِ وَتَسْلِيمُ التَّرِكَاتِ لِلْوَرَثَةِ، وَالِاكْتِفَاءُ وَلَتَخَلَّدَ الْحَبْسُ عَلَى الْمُعْسِرِ. قَالَ: ثُمَّ أَهْلُ الْخِبْرَةِ الْبَاطِنَةِ مَنْ عَاشَرَهُ سَفَرًا وَحَضَرًا، وَكَانَ يَطَّلِعُ عَلَى بَاطِنِ حَالِهِ، وَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ الْقَاضِي خِبْرَتَهُمْ بِإِخْبَارِهِمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ (ذِكْرُهُ) فِي صِيغَةِ الشَّهَادَةِ، وَلَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِهِ فَلَا إشْكَالَ.
وَذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ صُورَةً رَابِعَةً، وَهِيَ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ غَيْبَةَ وَلِيِّهَا، فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) ، أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ حَتَّى يَشْهَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute