للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا: رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ ثُمَّ قَالَ: كُنْت أَعْتَقْته: يُرَدُّ الْفَسْخُ، وَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، قِيلَ: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُ حَقِّهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، كَمَا لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ قَالَ: كُنْت أَعْتَقْته.

قُلْت: لَكِنْ حَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّ الْإِمَامَ قَالَ: إنَّ هَذَا هَفْوَةٌ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَإِنَّهُ أَقَرَّ " بِمَا " هُوَ خَارِجٌ عَنْ مِلْكِهِ، بِخِلَافِ الرَّهْنِ. انْتَهَى.

وَهَذَا مِنْهُ حَمْلٌ " لِلَّفْظِ " عَلَى ظَاهِرِهِ إذْ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قُيِّدَ بِهِ مِنْ قَيْدِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ لَمْ يَكُنْ هَفْوَةً.

[مَنْ اسْتَحْبَبْنَا لَهُ التَّأْخِيرَ فَمَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ]

ِ هَلْ يَعْصِي؟

وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّأْخِيرِ يُنَافِي الْعِصْيَانَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ بِتَأْخِيرِ الظُّهْرِ بِشَرْطِهِ، فَلَوْ أَخَّرَهَا عَلَى هَذَا الْعَزْمِ ثُمَّ مَاتَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْصِيَ قَطْعًا " وَأَلَّا يَأْتِيَ " فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ أَخَّرَ الْوَاجِبَ الْمُوسَعَ لَا لِعُذْرٍ.

هَذَا مَا كَانَ يَتَبَادَرُ إلَيْهِ الذِّهْنُ، ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْأُسْتَاذِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ شَرْحِ الْوَسِيطِ صَرَّحَ بِهِ فِيمَا لَوْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا، بَلْ الْخِلَافُ جَارٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْضًا، حَكَاهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي " بَابِ " الزَّكَاةِ مِنْ كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْأَسْرَارِ، فَقَالَ: لَوْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ لِانْتِظَارِ جَمَاعَةٍ وَغَيْرِهِ مِمَّا يُنْدَبُ لَهُ التَّأْخِيرُ فَمَاتَ فَهُوَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.

نَعَمْ، يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَا مُرَتَّبَيْنِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ حَيْثُ لَا نَدْبَ وَأَوْلَى بِعَدَمِ " الْمَعْصِيَةِ "، وَيَخْرُجُ حِينَئِذٍ فِي هَذِهِ طَرِيقَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>