لِأَنَّ حُكْمَ الْحَدَثِ يَتَعَدَّى وَحُكْمَ النَّجَاسَةِ لَا يَتَعَدَّى مَحَلَّهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُحْدِثَ يُؤْمَرُ بِالْوُضُوءِ فِي الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ غَيْرُ مَحَلِّ الْحَدَثِ وَلَوْ كَانَ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ لَمْ يُؤْمَرْ بِتَطْهِيرِ غَيْرِ مَحَلِّ النَّجَاسَةِ فَافْتَرَقَا.
وَمِنْهَا: لَوْ صَبَّ الْمَاءَ عَلَى مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ " مِنْ ثَوْبٍ " فَانْتَشَرَتْ " الرُّطُوبَةُ فِي الثَّوْبِ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ مَوْضِعِ الرُّطُوبَةِ، نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ مَا إذَا انْتَشَرَتْ وَهُوَ غَيْرُ مُتَغَيِّرٍ فَإِنْ تَغَيَّرَ فَنَجِسٌ وَمِنْهَا الْمَاءُ الَّذِي يُصَبُّ عَلَى النَّجَاسَةِ مِنْ إبْرِيقٍ وَنَحْوِهِ وَإِنْ اتَّصَلَ بِالنَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَنْعَطِفُ عَلَيْهِ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، قَالَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ: الْمَاءُ الْمُتَصَعِّدُ مِنْ فَوَّارَةٍ " إذَا " وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ عَلَى أَعْلَاهُ لَا يَتَنَجَّسُ بَاطِنُهُ وَنَحْوُهُ " ذَكَرَهُ " الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ: لَوْ كَانَ " كُوزٌ " " فَفَرَّ " الْمَاءُ مِنْ أَسْفَلِهِ عَلَى نَجَاسَةٍ لَا يَنْجُسُ الْمَاءُ " الَّذِي فِيهِ "؛ لِأَنَّ خُرُوجَ الْمَاءِ يَمْنَعُ انْعِطَافَ النَّجَاسَةِ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ.
" تَنْبِيهٌ ": يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْأَصْلِ صُورَةُ التَّبَاعُدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ التَّبَاعُدُ عَنْهَا بِقَدْرِ قُلَّتَيْنِ عَلَى الْقَدِيمِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.
" السَّابِعُ ": يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُ عَلَى الْمُكَلَّفِ إلَّا فِي حَالَةِ الضَّرُورَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، قَالَ الصَّيْمَرِيُّ: لَا بَأْسَ أَنْ يَسْقِيَ الْحَيَوَانَ الْمَاءَ النَّجِسَ لَا سِيَّمَا مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَأَنْ " يَصُبَّهُ " فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute