تَقْضِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي بَاطِنِ " الْإِنْسَانِ " نَجَاسَةٌ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا فِي بَاطِنِهِ مِمَّا " خَلَقَهُ " اللَّهُ " تَعَالَى " أَمَّا نَجِسٌ أَدْخَلَهُ الْإِنْسَانُ تَعَدِّيًا إلَى بَاطِنِهِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ نَجِسًا مَحْكُومًا عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ فَلَاقَى الْبَاطِنَ فَنَجَّسَهُ " ثُمَّ تَطْهِيرُهُ " مُتَعَذِّرٌ؛ لِأَنَّ كُلَّ قَدْرٍ يَنْتَهِي إلَيْهِ " تَنَجَّسَ " بِمُلَاقَاتِهِ لِنَجِسٍ فَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالنَّجَاسَةِ.
قُلْت: وَهُوَ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ بَلْ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي مَسْأَلَةِ أَكْلِ لَحْمِ الْكَلْبِ وَغَيْرِهَا.
وَقَدْ أَشَارَ " الْإِمَامُ " الشَّافِعِيُّ " - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " فِي الْأُمِّ إلَى أَنَّ مُلَاقَاةَ النَّجَاسَةِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ، فَقَالَ: لَوْ وُجِدَ حُوتٌ فِي بَطْنِ سَبُعٍ أَوْ طَائِرٍ أَوْ حُوتٍ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِتَطْهِيرِ ظَاهِرِهِ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ أَيْضًا فِي طَهَارَةِ الْمَنِيِّ مَعَ خُرُوجِهِ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ، وَكَذَلِكَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الْوَلَدِ وَالْبَيْضَةِ حَيْثُ قَالَ: لَا يَحْتَاجُ إلَى غَسْلِهَا، وَأَمَّا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي كِتَابِ الْمِنْهَاجِ فِي الْخِلَافِ فَمَنَعَ قَوْلَهُمْ أَنَّ نَجَاسَةَ الْبَاطِنِ لَا حُكْمَ لَهَا بِدَلِيلِ " أَنَّ " مَنْ أَكَلَ شَيْئًا ثُمَّ قَذَفَهُ فِي الْحَالِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ وَلَمْ تُنَجِّسْهُ إلَّا مُلَاقَاةُ مَا فِي الْمَعِدَةِ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ فِي الْأَصَحِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute