للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَمًا وَظَاهِرُهَا طَاهِرٌ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ فِي الْأَصَحِّ، كَالنَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ إذَا حَمَلَهَا بِخِلَافِ بَاطِنِ الْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ " لِلْحَيَاةِ أَثَرًا " فِي دَرْءِ النَّجَاسَةِ وَأَمَّا الْبَيْضَةُ فَجَمَادٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ حَمَلَ عُنْقُودًا اسْتَحَالَ بَاطِنُ حَبَّاتِهِ خَمْرًا وَلَا رَشْحَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَكَى الرَّافِعِيُّ " وَجْهًا " أَنَّ " بَوَاطِنَ " حَبَّاتِ الْعُنْقُودِ مَعَ اسْتِحَالَتِهِ خَمْرًا لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا تَشْبِيهًا لَهُ بِمَا فِي بَاطِنِ الْحَيَوَانِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فِي الْعَنَاقِيدِ إذَا اسْتَحَالَ بَاطِنُهَا وَاشْتَدَّ وَجْهَيْنِ فِي بَيْعِهَا وَطَرْدُهُ فِي الْبَيْضَةِ الْمَذِرَةِ، ثُمَّ رُوجِعَ الْقَاضِي فِي نَجَاسَتِهَا فَتَوَقَّفَ قَالَ الْإِمَامُ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّهُ لَوْ " انْفَصَلَ " مَا فِي الْبَاطِنِ لَحَكَمْنَا بِنَجَاسَتِهِ، وَالِانْفِصَالُ لَا يُوجِبُ وُرُودَ " نَجَاسَةٍ " فَلَا يَلِيقُ بِالْمَذْهَبِ إلَّا نَجَاسَتُهَا، وَأَمَّا مَا قَالَهُ الْقَاضِي فَهُوَ يُضَاهِي مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ حَكَمَ بِأَنَّ الدِّمَاءَ فِي الْعُرُوقِ الَّتِي فِي " جِلْدِ " اللَّحْمِ لَيْسَتْ " بِنَجِسَةٍ " فَإِذَا سَفَحَ وَسَالَ حَكَمَ بِالنَّجَاسَةِ وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: ١٤٥] وَهَذَا مَخْصُوصٌ بِالدَّمِ " فَإِنَّا " إذَا قَطَعْنَا بِنَجَاسَةِ الْبَوَاطِنِ وَتَرَدَّدْنَا فِي جَوَازِ " الْبَيْعِ " فَلَا وَجْهَ إلَّا مَا نَذْكُرُهُ وَهُوَ أَنَّ ظَاهِرَ الْبَيْضَةِ طَاهِرٌ وَالنَّجَاسَةُ مُسْتَتِرَةٌ اسْتِتَارَ خِلْقَةٍ وَالْبَيْضَةُ فِي نَفْسِهَا صَائِرَةٌ إلَى " رُتْبَةِ " الْفَرْخِ فَيُضَاهِي " امْتِنَاعَ الْعُصْفُورِ " وَجَنَّبُوهُ النَّجَاسَةَ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ، وَكَذَلِكَ الْعُنْقُودُ ظَاهِرُهُ طَاهِرٌ وَمَقْصُودُهُ آيِلٌ إلَى " الْحُمُوضَةِ " وَهُوَ مُنْتَظَرٌ فَإِنْ قِيلَ: فَهَلَّا قُلْتُمْ بِأَنَّ بَاطِنَ الْبَيْضَةِ الْمَذِرَةِ طَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَنْ جَوَّزَ الصَّلَاةَ مَعَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>