للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قِيَاسِ الْمَأْمُورَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ مَأْمُورًا بَلْ هُوَ مِنْ الْمَنْهِيِّ إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا تَرْكٌ وَيُتَصَوَّرُ مِنْ النَّائِمِ جَمِيعُ النَّهَارِ فَأَسْقَطَ الشَّرْعُ غَفْلَةَ النَّاسِي.

تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: إنَّمَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ بِشُرُوطٍ: أَحَدُهَا " أَنْ لَا يَكْثُرَ فَإِنْ كَثُرَ ضَرَّ كَمَا فِي الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَكَذَا الْأَكْلُ فِي الصَّوْمِ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ، وَخَالَفَهُ النَّوَوِيُّ وَهَلْ يَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا عُذِرَ فِيهِ بِالنِّسْيَانِ فِيهِ نَظَرٌ.

الثَّانِي: أَنْ لَا يَسْبِقَهُ تَصْرِيحٌ بِالْتِزَامِ حُكْمِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ الدَّارَ عَامِدًا وَلَا نَاسِيًا فَدَخَلَهَا نَاسِيًا حَنِثَ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِالْقَاعِدَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ مَا وَسَّعَهُ الشَّرْعُ فَضَيَّقَهُ الْمُكَلَّفُ عَلَى نَفْسِهِ فَهَلْ يَتَضَيَّقُ كَمَا لَوْ نَذَرَ النَّفَلَ قَائِمًا أَوْ الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ وَالْأَصَحُّ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَيَّقُ.

الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ حَالَةٌ مُذَكِّرَةٌ يُنْسَبُ مَعَهَا لِتَقْصِيرٍ وَإِلَّا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ حُكْمٌ، وَلِهَذَا لَوْ أَكَلَ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا لَا تَبْطُلُ مَا لَوْ عَلَّقَ الظِّهَارَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَفَعَلَ نَاسِيًا لِلظِّهَارِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَكُونُ عَائِدًا؛ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يَتَذَكَّرَ تَصَرُّفَهُ فَلَا يُعْذَرُ فِي نِسْيَانِ الظِّهَارِ، وَرَأَى الْبَغَوِيّ تَخْرِيجَهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي حِنْثِ النَّاسِ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا أَحْسَنُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>