يَقْتَضِي التَّغَايُرَ وَيَمْنَعُ مِنْ التَّأْكِيدِ، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الطَّلْقَةِ وَإِنْ كُرِّرَ فَيَحْتَمِلُ التَّأْكِيدَ، وَالْقَاعِدَةُ الْبَيَانِيَّةُ تَشْهَدُ لِلْمُرَجِّحِ إلَّا أَنَّ ابْنَ الصَّبَّاغِ قَالَ: إنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ إنَّمَا دَخَلَ فِي الْأَبْعَاضِ لَا فِي الطَّلْقَاتِ وَالْأَبْعَاضُ مُتَغَايِرَةٌ وَإِنَّمَا تَغَايَرَتْ الطَّلْقَاتُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الطَّلْقَاتُ غَيْرَ مُتَغَايِرَةٍ لَأَتَى فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ قَالَ: وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ إذَا لَمْ يُعْطَفْ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَرْقُ أَنَّ الثُّلُثَ الَّذِي لَمْ نَعْطِفْهُ عَلَى النِّصْفِ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ لَفْظُ الْإِيقَاعِ وَلَا عُطِفَ عَلَى مَا لَيْسَ فِيهِ لَفْظُ الْإِيقَاعِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ؛ لَمْ تَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ.
وَمِنْهَا: لَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ كَلَّمْت فَقِيهًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ كَلَّمْت شَيْخًا فَأَنْتِ طَالِقٌ - فَكَلَّمَتْ (مَنْ اجْتَمَعَ فِيهِ الْكُلُّ وَقَعَ ثَلَاثٌ لِاجْتِمَاعِ الصِّفَاتِ فِيهِ) وَقِيَاسُ الْقَاعِدَةِ اعْتِبَارُ التَّعَدُّدِ. وَلِهَذَا لَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ رَغِيفٍ أَوْ رُمَّانَةٍ فَأَكَلَتْ نِصْفَيْ رُمَّانَتَيْنِ أَوْ نِصْفَيْ رَغِيفَيْنِ لَمْ يَقَعْ وَمِنْ مُشْكِلِهِ أَيْضًا مَا لَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ فِي يَوْمٍ آخَرَ لَزِمَهُ أَلْفٌ فَقَطْ، وَلَوْ عَلَّقَ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ وَعَلَّقَ بِنِصْفٍ بِأَنْ قَالَ: إنْ أَكَلْت (رُمَّانَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ وَإِنْ أَكَلْت نِصْفَ رُمَّانَةٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ - فَأَكَلَتْ رُمَّانَةً) فَطَلْقَتَانِ لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute