للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا) الْمُحَرَّمَاتُ فَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ فِي الْخُرُوجِ عَنْ الْعُهْدَةِ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ فَإِنْ قَصَدَ الثَّوَابَ فَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الِامْتِثَالِ خُصُوصًا إذَا اشْتَهَتْهُ النَّفْسُ وَصَرَفَهَا عَنْهُ، وَمِمَّا ذَكَرْنَا يُعْلَمُ حُكْمُ الْمَكْرُوهَاتِ وَمِنْ ذَلِكَ التُّرُوكُ كَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ عَلَى الصَّحِيحِ.

وَلِهَذَا تَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَكَذَا مَا تَعَيَّنَ لِنَفْسِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَرَدِّ الْوَدِيعَةِ وَمِنْ هُنَا قَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ: لَا تَجِبُ النِّيَّةُ فِي الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَاءِ صِفَةٌ طَبِيعِيَّةٌ لِلْمَاءِ، وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: لَا مَدْخَلَ لِلنِّيَّةِ فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالْأَذْكَارِ وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَدَفْنِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ، وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الْإِقْلِيدِ: أَدَاءُ الدَّيْنِ وَرَدُّ الْوَدِيعَةِ وَالْأَذَانُ وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ وَالْأَذْكَارُ وَهِدَايَةُ الطَّرِيقِ وَإِمَاطَةُ الْأَذَى وَنَحْوُهَا مِنْ الْأَعْمَالِ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» فَالْمُرَادُ بِهِ الْأَعْمَالُ الَّتِي تَقَعُ تَارَةً طَاعَةً وَغَيْرَ طَاعَةٍ أُخْرَى بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْهِجْرَةِ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ وَأَمَّا هَذِهِ الْقُرُبَاتُ وَنَحْوُهَا مِمَّا شُرِعَ لِمَصْلَحَةٍ عَاجِلَةٍ قَصْدًا أَوْ كَانَ بِصُورَتِهِ عِبَادَةً فَعَدَمُ وُجُوبِ النِّيَّةِ فِيهَا لِعَدَمِ إرَادَتِهَا أَوْ لِخُرُوجِهَا عَنْ الْإِرَادَةِ حِسًّا

<<  <  ج: ص:  >  >>