الرَّابِعُ: أَصْلُ تَشْرِيعِ النِّيَّةِ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَةِ عَنْ الْعَادَةِ.
وَأَمَّا تَعْيِينُهَا فَنَقَلَ (الْإِمَامُ) عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ شُرِعَ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَةِ مِنْ الْعِبَادَةِ فَإِذَا كَانَ الْوَقْتُ يَحْتَمِلُ أَنْوَاعًا مِنْ الصَّلَاةِ فَلَوْ نَوَى الصَّلَاةَ مُطْلَقًا لَمْ تَكُنْ صَلَاةٌ أَوْلَى بِالِانْعِقَادِ مِنْ صَلَاةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ النِّيَّةِ فِيهِ لِعَقْدِ مَا يَبْغِيهِ الْمُصَلِّي مِنْ ضُرُوبِ الصَّلَوَاتِ.
وَبُنِيَ عَلَى هَذَا أَنَّ أَصْلَ النِّيَّةِ يَجِبُ فِي الصَّوْمِ وَلَا يَجِبُ تَعْيِينُهَا قَالَ: وَهُوَ فِقْهٌ ظَاهِرٌ.
ثُمَّ أَوْرَدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلَا نَذْرٌ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ فَرْضُ الْوَقْتِ فَإِذَا نَوَى الْفَرْضَ عَلَيْهِ فَكَانَ يَصِحُّ كَالْكَفَّارَةِ لَا يَجِبُ تَعْيِينُهَا، فَإِنْ أَوْجَبُوا التَّعْيِينَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَقَلْنَا الْكَلَامَ إلَى الصَّوْمِ، ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ أَنَّ إيجَابَ التَّعْيِينِ فِي النِّيَّةِ شُرِعَ لِلتَّعَبُّدِ لَا لِمَا ذَكَرَهُ، وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّيْخِ عِزِّ الدِّينِ: " إنَّ النِّيَّةَ شُرِعَتْ لِتَمْيِيزِ الْعِبَادَاتِ عَنْ الْعَادَاتِ أَوْ لِمَرَاتِبِ الْعِبَادَةِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ " نَزْعَةٌ حَنَفِيَّةٌ، فَمِمَّا لَا يَجِبُ فِيهِ التَّعْيِينُ الْكَفَّارَةُ وَالْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجِبُ تَعْيِينُهُ وَالزَّكَاةُ وَالْوَكَالَةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَا يَجِبُ تَعْيِينُ الْمَيِّتِ وَالْأَحْدَاثُ لَا يَجِبُ تَعْيِينُهَا فِي الرَّفْعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute