الْعَمَلِ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا وَمُتَقَدِّمَةً عَلَيْهِ إنْ كَانَ فَرْضًا قَالَ (صَاحِبُ الْخِصَالِ) : لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ إلَّا فِي خَصْلَتَيْنِ الصَّوْمِ وَالْكَفَّارَةِ، وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي فِي كِتَابِ قَسْمُ الصَّدَقَاتِ لَيْسَ فِي الْعِبَادَاتِ مَا يَجِبُ تَقَدُّمُ النِّيَّةِ عَلَيْهِ غَيْرَ الصَّوْمِ وَجْهًا وَاحِدًا وَفَرَضَ الزَّكَاةَ وَالْكَفَّارَةَ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ.
قُلْت: وَكَذَا الْأُضْحِيَّةُ فِي الْأَصَحِّ وَشَرَطُوا فِي الزَّكَاةِ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ صَدَرَتْ بَعْدَ تَعْيِينِ الْقَدْرِ الَّذِي يُخْرِجُهُ فَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ لَمْ يَجُزْ فَلْتَكُنْ مِثْلَهُ فِي الْكَفَّارَةِ وَالْأُضْحِيَّةِ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا مَا يَمْتَنِعُ مُقَارَنَتُهُ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ غَيْرُ الصَّوْمِ، وَأَمَّا مَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ فَهُوَ فِي الْبَاقِي.
وَالضَّابِطُ: أَنَّ مَا دَخَلَ فِيهِ بِفِعْلِهِ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الْمُقَارَنَةُ، كَالصَّلَاةِ، وَمَا دَخَلَ فِيهِ (بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا تُشْتَرَطُ كَالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَوْ نَوَى ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ نَائِمٌ صَحَّ صَوْمُهُ فَقَدْ دَخَلَ فِيهِ) بِغَيْرِ فِعْلِهِ وَأَلْحَقَ الزَّكَاةَ وَالْكَفَّارَةَ وَالْأُضْحِيَّةَ بِالصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ بِالنِّيَابَةِ.
وَمِمَّا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمُقَارَنَةُ عَلَى الْأَصَحِّ نِيَّةُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِخِلَافِ نِيَّةِ الْقَصْرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ نِيَّةَ الْقَصْرِ وَصْفٌ لِلصَّلَاةِ نَفْسِهَا فَاعْتُبِرَ مُقَارَنَتُهَا فِي ابْتِدَائِهَا وَنِيَّةُ الْجَمْعِ وَصْفٌ لِلصَّلَاتَيْنِ مَعًا فَاكْتَفَى بِهَا فِي الْأَثْنَاءِ.
وَمِنْهُ لَوْ خَرَجَ الْمُعْتَكِفُ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ عَلَى نِيَّةِ أَنْ يَعُودَ لَا يَحْتَاجُ عِنْدَ الْعَوْدِ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute