قُلْت: يَخْرُجُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَجْهَانِ فَإِنَّ الْمَاوَرْدِيَّ قَالَ فِيمَا إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْمَغْصُوبِ مَعْلُومًا: إنَّ الْمَالِكَ يَمْلِكُ الْقِيمَةَ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا وَحَكَى فِي اسْتِقْرَارِهِ إذَا كَانَ مَجْهُولًا وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ الِاسْتِقْرَارِ حِلُّ الْوَطْءِ وَصَرَّحَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِأَنَّ الْمَالِكَ يَمْلِكُ الْقِيمَةَ (قِيمَةَ فَرْضٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهَا عَلَى حُكْمِ رَدِّ الْعَيْنِ وَهَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُبَاحُ الْوَطْءُ.
وَمِنْهَا إذَا قَالَ صَاحِبُ الْجَارِيَةِ: بِعْتُكهَا وَقَالَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ: بَلْ وَهَبْتنِيهَا، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِ الْكَامِلِ: يَحِلُّ لِمُدَّعِي الْهِبَةِ وَطْؤُهَا فِي الْبَاطِنِ إذَا كَانَ صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ وَكَانَ قَدْ قَبَضَهَا وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي صَادِقًا انْتَهَى.
وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي إبَاحَةِ الْوَطْءِ تَعَيُّنُ (جِهَةٍ) ؟ (كَلَامُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ) يَقْتَضِي اشْتِرَاطَهُ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ فَلَا يَجُوزُ وَطْؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَطَأُ بِالزَّوْجِيَّةِ أَوْ (بِالْمِلْكِ) .
الْحَادِيَ عَشَرَ: كُلُّ وَطْءٍ مُحَرَّمٍ إنْ حُرِّمَ لِحُرْمَةِ عِبَادَةٍ (وَجَبَتْ) فِيهِ الْكَفَّارَةُ كَالْمُجَامِعِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَإِنْ (حَرُمَ) لَا لِحُرْمَةِ الْعِبَادَةِ لَمْ يَجِبْ كَوَطْءِ الْحَائِضِ عَلَى الْجَدِيدِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ فِي بَابِ الْحَيْضِ وَهِيَ مَنْقُوضَةٌ بِوَطْءِ الْمُظَاهِرِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ مَعَ أَنَّهُ لَا لِحُرْمَةِ عِبَادَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute