إذَا جَامَعَ امْرَأَتَهُ، وَمَعَهُ مَاءٌ قَلِيلٌ يَكْفِي غُسْلَ أَحَدِهِمَا كَانَ هُوَ أَوْلَى (بِهِ) انْتَهَى. (وَقَالَ) الْإِمَامُ فِي بَابِ صَوْلِ الْفَحْلِ: لَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِ الْإِيثَارِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى هَلَاكِ الْمُؤْثِرِ، وَهُوَ مِنْ شِيَمِ الصَّالِحِينَ، فَإِذَا اُضْطُرَّ، وَانْتَهَى إلَى الْمَخْمَصَةِ، وَمَعَهُ مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ، وَفِي رُفْقَتِهِ مُضْطَرٌّ فَآثَرَهُ بِالطَّعَامِ، فَهُوَ حَسَنٌ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي سَائِرِ الْإِيثَارَاتِ الَّتِي يُتَدَارَكُ بِهَا الْمُهَجُ، قَالَ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إيثَارُ الْبَهِيمَةِ، وَكَيْف يُظَنُّ هَذَا، وَيَجِبُ قَتْلُ الْبَهِيمَةِ؛ لِاسْتِبْقَاءِ الْمُهْجَةِ، وَقَالَ وَالِدُهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ الْفُرُوقِ: الْمُضْطَرُّ إنْ أَرَادَ الْإِيثَارَ بِمَا مَعَهُ لِاسْتِحْيَاءِ مُهْجَةٍ أُخْرَى كَانَ لَهُ الْإِيثَارُ، وَإِنْ خَافَ فَوَاتَ مُهْجَتِهِ. وَمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَمَعَهُ مَا يَكْفِيهِ لِطَهَارَتِهِ، وَهُنَاكَ مَنْ يَحْتَاجُهُ لِلطَّهَارَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِيثَارُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَقَّ فِي الطَّهَارَةِ حَقٌّ لِلَّهِ، فَلَا يُسَوَّغُ فِيهِ الْإِيثَارُ، وَالْحَقُّ فِي حَالِ الْمَخْمَصَةِ حَقُّهُ فِي نَفْسِهِ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْمُهْجَتَيْنِ عَلَى شَرَفِ التَّلَفِ إلَّا وَاحِدَةً تُسْتَدْرَكُ بِذَلِكَ الطَّعَامِ فَحَسُنَ إيثَارُ غَيْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ. قَالَ: وَيُقَوِّي هَذَا الْفَرْقَ مَسْأَلَةُ الْمُدَافَعَةِ وَهِيَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَصَدَ قَتْلَ غَيْرِهِ ظُلْمًا، وَالْمَقْصُودُ يَقْدِرُ عَلَى الدَّفْعِ غَيْرَ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالدَّفْعِ رُبَّمَا يَقْتُلُ الْقَاصِدَ كَانَ لِلْمَقْصُودِ الِاسْتِسْلَامُ، وَقَدْ اخْتَلَفَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) فِي ذَلِكَ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute