فَقَدْ فَوَّتَ لِنَفْسِهِ قُرْبَةً، وَهُوَ أَجْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ: إنَّ الْإِيثَارَ لَا يَكُونُ فِي الْقُرَبِ بَلْ فِي مَسْأَلَةِ الْوُضُوءِ قَدْ أَعْطَى الْمَاءَ مَنْ يُؤَدِّي بِهِ عِبَادَةً، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الصَّفِّ فَقَدْ فَاتَهُ أَجْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَحْصُلْ الْمُصَلِّي الثَّانِي عَلَى أَجْرِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «ابْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» ، وَهَذَا، وَإِنْ وَرَدَ فِي الْإِنْفَاقِ لَكِنْ اسْتَعْمَلَهُ بَعْضُهُمْ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِيثَارَ بِالْقُرَبِ حَرَامٌ، أَوْ مَكْرُوهٌ، أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى خِلَافٌ، وَأَمَّا الْإِيثَارُ بِحُقُوقِ النَّفْسِ فَمُسْتَحَبٌّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَمِنْ هَذَا أَيْضًا الدُّعَاءُ فَيُسْتَحَبُّ الْبُدَاءَةُ فِيهِ بِنَفْسِهِ؛ لِقَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى» ، وَمِنْ ذَلِكَ إيثَارُ الطَّالِبِ غَيْرَهُ بِنَوْبَتِهِ فِي الْقِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ، وَقَدْ حَكَى (الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ) فِي كِتَابِهِ (الْجَامِعِ) عَنْ قَوْمٍ أَنَّهُمْ كَرِهُوهُ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute