فَمُكَاتَبٌ) مِثْلِي فَقَالَ السَّيِّدُ: بَلْ قَبْلَهَا صُدِّقَ السَّيِّدُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ قَالَا: وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ ثُمَّ بَاعَهَا لَهُ وَوَلَدَتْ وَقَدْ كَاتَبَهُ، فَقَالَ السَّيِّدُ: وَلَدَتْ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَهُوَ (قِنٌّ) لِي، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: بَلْ بَعْدَ (الشِّرَاءِ) فَمُكَاتَبٌ صُدِّقَ الْمُكَاتَبُ بِيَمِينِهِ، وَفَرَّقَا بِأَنَّ الْمُكَاتَبَ هُنَا يَدَّعِي مِلْكَ الْوَلَدِ كَمَا سَبَقَ؛ (لِأَنَّ) وَلَدَ أَمَتِهِ مِلْكُهُ وَيَدُهُ مُقِرَّةٌ عَلَى هَذَا الْوَلَدِ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ، وَالْمُكَاتَبَةُ لَا تَدَّعِي الْمِلْكَ، بَلْ ثُبُوتَ حُكْمِ الْكِتَابَةِ فِيهِ.
تَنْبِيهَانِ (الْأَوَّلُ) : الْقَوْلَانِ فِي تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالْغَالِبِ. الْمُرَادُ بِالْغَالِبِ (غَلَبَةُ) الظَّنِّ لَا مِنْ جِهَةِ عَلَامَةٍ تَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الشَّيْءِ، فَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ فِي أَنَّ أَصْلَ الْحِلِّ هَلْ يُزَالُ بِهِ كَالْخِلَافِ فِي (التَّطْهِيرِ) مِنْ أَوَانِي مُدْمِنِي الْخَمْرِ، وَالصَّلَاةِ فِي الْمَقَابِرِ الْمَنْبُوشَةِ وَفِي (طِينِ) الشَّوَارِعِ؟ أَعْنِي الْقَدْرَ الزَّائِدَ (عَلَى) مَا يَتَعَذَّرُ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَأَنَّ الْعَلَامَةَ إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِغَيْرِ التَّنَاوُلِ لَمْ (يَجِبْ) دَفْعُ الْأَصْلِ، فَأَمَّا إذَا اسْتَنَدَ غَلَبَةُ الظَّنِّ إلَى عَلَامَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ (بِعَيْنِ) الشَّيْءِ، وَجَبَ تَرْجِيحُ الْغَالِبِ كَمَسْأَلَةِ بَوْلِ الظَّبْيَةِ، فَإِنَّ الْبَوْلَ الْمُشَاهَدَ دَلَالَةٌ (مُغَلِّبَةٌ) لِاحْتِمَالِ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ بَانَ لَنَا أَنَّ اسْتِصْحَابَ الْأَصْلِ ضَعِيفٌ وَلَا يَبْقَى لَهُ حُكْمٌ مَعَ غَالِبِ الظَّنِّ ذَكَرَ هَذَا الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute