أَلْفُ دِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا.
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ، إذَا قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ قَدْ أَقَرَّ بِالْأَلْفِ، فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ كَمَحِلِّهَا، فَلَمْ يَبْطُلْ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ، وَإِذَا بَدَأَ بِالشَّرْطِ لَمْ يُقِرَّ بِالْحَقِّ، وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ بِالشَّرْطِ، فَلَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ الشَّرْطِ وَتَأْخِيرِهِ، وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا قَدِمَ الْحَاجُّ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، فَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيقُهُ عَلَى الشَّرْطِ، وَإِنْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شِئْت، لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا، لِأَنَّ مَا لَا يَلْزَمُ يَصِيرُ وَاجِبًا عَلَيْهِ لِوُجُودِهِ الشَّرْطِ، وَإِنْ قَالَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ قَبِلْت إقْرَارِي، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ عِنْدِي لَا يَكُونُ إقْرَارًا، وَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِأَلْفٍ إنْ شِئْت أَوْ قَبِلْت، فَقَالَ قَبِلْت أَوْ شِئْت كَانَ بَيْعًا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِيجَابَ فِي الْبَيْعِ يَقَعُ مُتَعَلِّقًا بِالْقَبُولِ، فَإِذَا لَمْ يُقْبَلْ لَمْ يَصِحَّ، فَجَازَ تَعْلِيقُهُ عَلَيْهِ وَالْإِقْرَارُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَبُولِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، فَلَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهُ لِوُجُوبِهِ قَبْلَ الشَّرْطِ.
الرَّابِعُ: مَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ عَلَى الشَّرْطِ وَلَا يَقْبَلُ الشَّرْطَ وَهُوَ الطَّلَاقُ وَالْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ. وَكَذَا الْخُلْعُ إنْ جَعَلْنَاهُ طَلَاقًا. فَتَعْلِيقُ الطَّلَاقِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَتَوَقَّفُ عَلَى وُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك بِشَرْطِ أَنْ تَخْدُمِينِي شَهْرًا، لَمْ يَلْزَمْ الشَّرْطُ.
وَمَثَّلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنَّ عَلَيْك كَذَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute