وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ (- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) : لَوْ عُذِرَ الْجَاهِلُ، لِأَجْلِ جَهْلِهِ لَكَانَ الْجَهْلُ (خَيْرًا) مِنْ الْعِلْمِ (إذْ) كَانَ يَحُطُّ عَنْ الْعَبْدِ أَعْبَاءَ التَّكْلِيفِ (وَيُرِيحُ) قَلْبَهُ (مِنْ) ضُرُوبِ التَّعْنِيفِ، فَلَا (حُجَّةَ) لِلْعَبْدِ فِي جَهْلِهِ (بِالْحُكْمِ) بَعْدَ التَّبْلِيغِ وَالتَّمْكِينِ، (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) .
(الْخَامِسُ) : الْجَهْلُ بِالشَّرْطِ مُبْطِلٌ وَإِنْ صَادَفَهُ.
فَمَنْ صَلَّى جَاهِلًا بِكَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ، وَإِنْ أَصَابَ كَمَا أَنَّ (مَنْ) فَسَّرَ كِتَابَ اللَّهِ (تَعَالَى) بِغَيْرِ عِلْمٍ أَثِمَ، وَإِنْ أَصَابَ (وَكَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ إذَا حَكَمَ وَهُوَ جَاهِلٌ بِحُكْمِ اللَّهِ يَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنْ أَصَابَ) ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مَنْ اعْتَقَدَ التَّوْحِيدَ عَمَّا ظَنَّهُ دَلِيلًا وَلَيْسَ بِدَلِيلٍ فِي الْحَقِيقَةِ فَهُوَ غَيْرٌ عَارِفٍ بِالتَّوْحِيدِ (كَمَنْ) اعْتَقَدَهُ (لَا عَنْ دَلِيلٍ) أَصْلًا. وَلِهَذَا امْتَنَعَ عَلَى الشَّاهِدِ إذَا كَانَ فَاسِقًا مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْحَاكِمَ عَلَى الْبَاطِلِ، وَلَا يُقَالُ إنَّ الْحَاكِمَ قَضَى بِالْحَقِّ فَكَيْفَ يَكُونُ بَاطِلًا، لِأَنَّا نَقُولُ السَّبَبُ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا كَانَ بَاطِلًا (شَرْعًا) كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute