(الثَّانِي) : إذَا قُلْنَا لَا يَحْنَثُ النَّاسِي صَدَقَ فِي دَعْوَاهُ النِّسْيَانَ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى قَوْلَيْ تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ.
وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ فِيمَا لَوْ قَالَ (لَهَا) إنْ ضَرَبْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَضَرَبَ امْرَأَةً غَيْرَهَا أَوْ نَفْسَهُ فَأَصَابَهَا فَهُوَ ضَارِبٌ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَكُونُ (قَاتِلًا تَجِبُ) بِهِ الدِّيَةُ، وَهَلْ يَحْنَثُ؟ فَعَلَى قَوْلَيْ الْمُكْرَهِ: فَإِنْ قُلْنَا لَا يَحْنَثُ الْمُكْرَهُ فَادَّعَى أَنِّي قَصَدْت ضَرْبَ غَيْرِهَا أَوْ ضَرْبَ نَفْسِي فَأَصَابَهَا لَمْ يُقْبَلْ لِأَنَّ الضَّرْبَ (تَعَيَّنَ) ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقْبَلَ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ انْتَهَى.
وَالْأَشْبَهُ التَّفْصِيلُ (بَيْنَ مَا) يَتَعَلَّقُ بِهِ (حَقُّ) الْغَيْرِ أَوْ لَا وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ لَوْ حَلَفَ وَقَالَ لَمْ أَقْصِدْ الْيَمِينَ بِهِ صُدِّقَ إلَّا فِي طَلَاقٍ أَوْ (عَتَاقٍ) وَإِيلَاءٍ فَلَا يُصَدَّقُ ظَاهِرًا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ.
(الثَّالِثُ) : قَدْ يَحْنَثُ النَّاسُ كَمَا لَوْ (حَلَفَ) لَا يَفْعَلُ كَذَا عَالِمًا وَلَا نَاسِيًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا انْحَلَّتْ يَمِينُهُ جَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَعَلَّلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ وُجُودُ الدَّاعِي إلَى (فِعْلِهِ) فَإِذَا وُجِدَ الْفِعْلُ حَصَلَ الْمَقْصُودُ (الْأَصْلِيُّ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute