(الثَّالِثُ) : الْحَلِفُ يَكُونُ عَلَى الْبَتِّ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا، وَأَمَّا عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، فَإِنْ كَانَ إثْبَاتًا، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَإِنْ كَانَ نَفْيًا فَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، إلَّا فِي صُورَتَيْنِ:
(إحْدَاهُمَا) - جَنَتْ بَهِيمَتُك، (فَتَحْلِفُ) عَلَى الْبَتِّ قَطْعًا.
الثَّانِيَةُ - جَنَى عَبْدُك، فَتَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ فِعْلَ بَهِيمَتِهِ، وَفِعْلَ عَبْدِهِ كَفِعْلِهِ، وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا اسْتِثْنَاءَ. نَعَمْ قَدْ يَشْكُلُ عَلَى الْقَاعِدَةِ صُوَرٌ: مِنْهَا مَسْأَلَةُ الْغُرَابِ، إذَا قَالَ (لِإِحْدَاهُمَا) ، إنْ كَانَ غُرَابًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ - حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ (أَنَّهُ) ، لَمْ يَكُنْ غُرَابًا وَلَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الدُّخُولِ، لَوْ عَلَّقَ عَلَى دُخُولِهَا، أَوْ دُخُولِ غَيْرِهَا، (فَتَنَازَعَا) اكْتَفَى مِنْهُ بِيَمِينٍ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالدُّخُولِ، قَالَ فِي الْبَسِيطِ، كَذَا قَالَهُ إمَامِي وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ أَصْلًا. بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ (وَعَلَيْهِ) يَمِينٌ جَازِمَةٌ (أَوْ نُكُولٌ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا.
قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ: وَمِنْ الْعَجَبِ (يُوَجَّهُ) بِالْعَجْزِ عَنْ الْفَرْقِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ ظَاهِرٌ جِدًّا، لِأَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى دُخُولِ زَيْدٍ الدَّارَ تَعْلِيقٌ عَلَى فِعْلٍ (يَتَجَدَّدُ) مِنْ زَيْدٍ قَطْعًا، (يَحْلِفُ) نَافِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْغُرَابِ فَلَيْسَتْ تَعْلِيقًا عَلَى فِعْل الْغَيْرِ مُطْلَقًا، بَلْ (تَعْلِيقًا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute