قُلْت أَمَّا مَسْأَلَةُ الْخُلْعِ فَقَدْ ذَكَرَهَا الْأَصْحَابُ وَأَخَذُوهُ مِنْ أَنَّهُ، لَوْ وَقَعَ لَكَانَ تَعْلِيقًا قَبْلَ الْمِلْكِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهَا تَعُودُ بِمَا بَقِيَ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ (فَالطَّلَاقُ) لَوْ قِيلَ بِوُقُوعِهِ فَهُوَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي كَانَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ تَعْلِيقًا قَبْلَ الْمِلْكِ، فَالْقَوْلُ بِعَدَمِ عَوْدِ الصِّفَةِ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ التَّعْلِيقَ وَالصِّفَةَ كِلَاهُمَا حَالُ الْمِلْكِ وَإِنَّمَا تَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا فَلْيُنْظَرْ إلَى أَنَّهَا هَلْ (تَمْنَعُ) الْوُقُوعَ أَمْ لَا.
قَالَ الْقَاضِي: وَأَمَّا الْحِيلَةٌ الْمَانِعَةُ لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ، فَكَمَنْ حَلَفَ كَانَ يَمِينُهُ عَلَى نِيَّتِهِ دُونَ مَا يُظَنُّ بِهِ، إلَّا إذَا حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ.
هَذَا إذَا كَانَ (فِيمَا) هُوَ حَقٌّ عِنْدَهُمَا، فَأَمَّا مَا هُوَ حَقٌّ عِنْدَ الْحَاكِمِ ظُلْمٌ عِنْدَ الْحَالِفِ كَالْحَنَفِيِّ يَعْتَقِدُ شُفْعَةَ الْجِوَارِ وَالْحَالِفُ لَا يَعْتَقِدُهَا يَحْلِفُ (لَا يَسْتَحِقُّ) عَلَى الشُّفْعَةِ، وَيَنْوِي عَلَى قَوْلِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَارًّا فِي يَمِينِهِ قَالَ: وَعَلَى هَذَا كُلُّ الْأَيْمَانِ عِنْد الْحَاكِمِ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ (إنَّ) النِّيَّةَ (فِيهِ) (نِيَّةُ) الْمُسْتَحْلِفِ أَبَدًا، وَهَذَا غَلَطٌ.
وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ لِنَفْسِهِ فَالنِّيَّةُ نِيَّتُهُ أَبَدًا، فَإِذَا نَوَى غَيْرَ مَا نَطَقَ بِهِ، وَكَانَ (سَائِغًا) بَرَّ فِي يَمِينِهِ، فَكُلُّ مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ كَانَ قَدْ فَعَلَهُ أَنَّهُ مَا فَعَلَهُ وَنَوَى أَنَّهُ مَا فَعَلَهُ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ كَانَ بَارًّا فِي يَمِينِهِ، وَكَذَا غَيْرُ هَذَا مِمَّا لَهُ اسْمٌ فِي اللُّغَةِ، فَقَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَنِسَائِي طَوَالِقُ، وَنَوَى (نِسَاءً لَا امْرَأَتَهُ) ، أَوْ قَالَ كُلُّ جَارِيَةٍ لِي حُرَّةٌ وَنَوَى بِذَلِكَ السُّفُنَ صَحَّ (فَلَوْ) قَالَ لَهَا إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَنَوَى بِعَلَيْك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute