تَكُونُ الْحَوَاسُّ سَلِيمَةً وَالْحَيَاةُ مُسْتَقِرَّةً وَالْحَرَكَةُ اخْتِيَارِيَّةً، وَيُعْطَى الْإِنْسَانُ فِيهَا حُكْمَ الْأَمْوَاتِ كَالْوَاقِعِ فِي بَحْرٍ لَا يَنْجُو مِنْهُ (وَتَابَ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، (فَإِنَّهُ) لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَيُقَسَّمُ مَالُهُ وَتُنْكَحُ نِسَاؤُهُ، وَلَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ، وَلِهَذَا لَمْ يُقْبَلْ إيمَانُ فِرْعَوْنَ، وَفِي مِثْلِهَا لَوْ أَشْرَفَ إنْسَانٌ عَلَى الْغَرَقِ وَقَتَلَهُ قَاتِلٌ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ.
وَلَوْ كَانَتْ شَاةً فَذَبَحَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَلَّتْ (وَأَمَّا حَيَاةُ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ وَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا) (إبْصَارٌ) وَلَا نُطْقٌ وَلَا حَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ، فَإِذَا انْتَهَى الْإِنْسَانُ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ جَانٍ وَقَتَلَهُ آخَرُ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَالْقِصَاصُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ انْتَهَى إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَرَضٍ وَقَتَلَهُ قَاتِلٌ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، قَالَ الْإِمَامُ لَوْ انْتَهَتْ الشَّاةُ بِالْمَرَضِ إلَى أَدْنَى الرَّمَقِ فَذُبِحَتْ (حَلَّتْ) لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، بِخِلَافِ مَا إذَا افْتَرَسَهَا سَبُعٌ، فَوَصَلَتْ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ، قَالَ وَلَوْ أَكَلْت الشَّاةُ نَبَاتًا مُضِرًّا، فَصَارَتْ إلَى أَدْنَى الرَّمَقِ، فَذُبِحَتْ فَقَدْ ذَكَرَ شَيْخِي فِيهِ وَجْهَيْنِ ثُمَّ قَطَعَ فِي كَثِيرٍ بِنَفْيِ (الْحِلِّ) لِأَنَّهُ وُجِدَ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، فَصَارَ كَجُرْحِ السَّبُعِ.
وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الشَّاةَ إذَا انْتَهَتْ بِالْمَرَضِ إلَى حَالَةِ عَدَمِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ، وَذُبِحَتْ حَلَّتْ وَهُوَ نَظِيرُ إيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى (قَاتِلِ) الْمَرِيضِ، حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ إنَّ الْمَرِيضَ لَوْ انْتَهَى إلَى سَكَرَاتِ الْمَوْتِ، (وَبَدَتْ) مَخَايِلُهُ وَتَغَيَّرَتْ الْأَنْفَاسُ فِي (الشَّرَاسِفِ) لَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْمَوْتِ حَتَّى يَجِبَ الْقِصَاصُ عَلَى قَاتِلِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute