احْتَاجَ الْمُحْرِمُ لِلُّبْسِ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ إلَى الطِّيبِ وَالْحَلْقِ لِمَرَضٍ، فَقَدَّمَ الْفِدْيَةَ عَلَيْهِ جَازَ فِي الْأَصَحِّ، إذَا لَمْ يُجْعَلْ الْإِحْرَامُ سَبَبًا، وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صُورَةِ الصَّيْدِ أَنَّ الِاضْطِرَارَ بِصِيَالِ الصَّيْدِ عَلَيْهِ مَظْنُونٌ لِجَوَازِ انْصِرَافِهِ عَنْهُ.
" وَالثَّانِي " أَنْ يَجِبَ " بِسَبَبَيْنِ " يَخْتَصَّانِ بِهِ، فَيَجُوزُ بَعْدَ وُجُودِ أَحَدِهِمَا، وَتَقْدِيمِهِ عَلَى الْآخَرِ "، إذَا كَانَ مَالِيًّا، فَخَرَجَ " بِالْمَالِيِّ " الْبَدَنِيُّ، فَإِنَّهُ إمَّا مُؤَقَّتٌ كَالصَّلَاةِ فَلَا يَتَقَدَّمُ وَقْتُهُ وَجَمْعُ التَّقْدِيمِ لَيْسَ " يَتَقَدَّمُ " عَلَى الْوَقْتِ، بَلْ هُوَ الْوَقْتُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، " وَلِهَذَا يَقَعُ " أَدَاءً، " وَكَذَلِكَ " التَّأْذِينُ لِلصُّبْحِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَالصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ بَعْدَمَا صَلَّى يُجْزِئُهُ وَلَيْسَ تَقْدِيمًا. وَمِثْلُهُ الْفَقِيرُ يَحُجُّ قَبْلَ الِاسْتِطَاعَةِ.
وَإِمَّا غَيْرُ مُؤَقَّتٍ كَالصِّيَامِ فِي الْكَفَّارَاتِ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى سَبَبِهِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَقَوْلُنَا: يَخْتَصَّانِ بِهِ، احْتِرَازٌ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ، فَإِنَّهُمَا لَا يَخْتَصَّانِ بِهِ، كَمَا لَا يَجِبُ بِهِ كَزَكَاةِ الْفِطْرِ، لَيْسَ لِلْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ فِيهَا خُصُوصِيَّةٌ بَلْ " الزَّكَاةُ " كَذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِي جَوَازِ تَقْدِيمِ هَذَا النَّوْعِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بَعْدَ عَقْدِ الْيَمِينِ، وَقَبْلَ الْحِنْثِ، وَقِيسَ عَلَيْهِ الْبَاقِي. وَمِنْهُ زَكَاةُ الْمَوَاشِي وَالنَّقْدَيْنِ تَجِبُ بِسَبَبَيْنِ يَخْتَصَّانِ بِهَا، وَهُمَا النِّصَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute