وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ قَوْلِهِ قَبِلْت نِكَاحَهَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبِلْت هَذَا النِّكَاحَ، فَيَلْزَمُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْأُولَى عِنْدَ مَنْ يَرَى صِحَّةَ النِّكَاحِ وَيَلْزَمُ الْمُسَمَّى فِي الثَّانِيَةِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْإِشَارَةَ وَقَعَتْ لِلنِّكَاحِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الصَّدَاقِ الْمُسَمَّى فِيهِ فَيَنْصَرِفُ الْقَبُولُ إلَى النِّكَاحِ، وَالْمُسَمَّى مِنْ أَجْلِ الْإِشَارَةِ إلَى صُورَةِ عَدَمِ ذِكْرِ الزَّوْجِ الْمُسَمَّى فِي قَبُولِهِ.
تَنْبِيهٌ لِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَيْدٌ وَهُوَ أَنْ لَا يُقْصَدَ بِالْجَوَابِ الِابْتِدَاءُ.
وَلِهَذَا لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أَقْصِدْ بِقَوْلِي اشْتَرَيْت جَوَابَك، فَالظَّاهِرُ، كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ الْقَبُولُ.
وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ " طَلَّقْتُك "، وَقَالَ قَصَدْت الِابْتِدَاءَ دُونَ الْجَوَابِ قُبِلَ، وَكَانَ رَجْعِيًّا قَطَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ، " لَكِنْ " يَذْكُرُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ فِيمَا لَوْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَاسْمُهَا فَاطِمَةُ طَلِّقْنِي فَقَالَ طَلَّقْت فَاطِمَةَ، ثُمَّ قَالَ نَوَيْت فَاطِمَةَ " أُخْرَى طَلُقَتْ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِدَلَالَةِ الْحَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً طَلَّقْت [فَاطِمَةَ] ، ثُمَّ قَالَ نَوَيْت " فَاطِمَةَ " أُخْرَى. فَائِدَةٌ لَيْسَ كُلُّ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يُمْنَحُ فِيهِ بِالْجَوَابِ، وَإِنْ حَفَّتْ الضَّرُورَةُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَقَابَلَ رَاكِبَانِ عَلَى قَنْطَرَةٍ لَا يُفْتَى لِأَحَدِهِمَا بِإِلْقَاءِ دَابَّةِ الْآخَرِ فِي الْمَاءِ، لَكِنْ أَيُّهُمَا ابْتَدَرَ إلَى " إلْقَاءِ " دَابَّةِ صَاحِبِهِ فِي الْمَاءِ عَصَى اللَّهَ تَعَالَى وَعَلَيْهِ الضَّمَانُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute