للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ وَالتَّحْرِيمُ أَحَبُّ إلَيْنَا قَالَ الْأَئِمَّةُ، وَإِنَّمَا كَانَ التَّحْرِيمُ أَحَبَّ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكُ مُبَاحٍ لِاجْتِنَابِ مُحَرَّمٍ وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ إذَا تَعَارَضَ مَا يُوجِبُ الْحَظْرَ وَالْإِبَاحَةَ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ.

(أَحَدُهَا) : أَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَيُعْتَبَرُ تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا بِدَلِيلٍ آخَرَ.

(وَالثَّانِي) : يُغَلَّبُ الْحَظْرُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ لَكِنْ يَكُونُ هَذَا فِيمَا إذَا امْتَزَجَ فِيهِ حَظْرٌ وَإِبَاحَةٌ فَأَمَّا مَا لَا مَزْجَ فِيهِ فَلَا يُوجِبُ تَغْلِيبَ الْحَظْرِ كَالْأَوَانِي إذَا كَانَ بَعْضُهَا نَجِسًا لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الِاجْتِهَادِ. وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَنَّ الْحَرَامَ إمَّا أَنْ يُسْتَهْلَكَ أَوْ لَا.

(فَالْأَوَّلُ) : لَا أَثَرَ لَهُ غَالِبًا وَهَذَا كَالطِّيبِ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَلَوْ أَكَلَ شَيْئًا فِيهِ طِيبٌ قَدْ اُسْتُهْلِكَ لَمْ تَجِبْ الْفِدْيَةُ. وَالْمَائِعَاتُ يَمْتَنِعُ اسْتِعْمَالُهَا فِي الطَّهَارَةِ وَإِذَا خَالَطَتْ الْمَاءَ وَاسْتُهْلِكَتْ سَقَطَ حُكْمُهَا وَكَذَلِكَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ يَشْرَبُهُ الرَّضِيعُ لَا يَحْرُمُ فَإِذَا مُزِجَتْ قَطْرَةُ خَمْرٍ بِمَاءٍ كَثِيرٍ حَتَّى ذَهَبَتْ نَشْوَتُهَا وَشُرِبَتْ لَمْ يُحَدَّ لِاسْتِهْلَاكِهَا لَكِنْ يَحْرُمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>