الْأَحْوَالِ، وَيَدَعُ مَا يَرِيبُهُ إلَى مَا لَا يَرِيبُهُ وَفِيهِ صُوَرٌ:
" إحْدَاهَا " الْمُتَطَهِّرُ إذَا شَكَّ فِي الْحَدَثِ فَالْوَرَعُ أَنْ يُحْدِثَ ثُمَّ يَتَطَهَّرَ فَإِنْ تَطَهَّرَ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْوَرَعَ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ لِعَجْزِهِ عَنْ جَزْمِ النِّيَّةِ بِرَفْعِ الْحَدَثِ، لِأَنَّ بَقَاءَ الطَّهَارَةِ يَمْنَعُهُ، كَمَا أَنَّ بَقَاءَ شَعْبَانَ يَمْنَعُ مِنْ جَزْمِ نِيَّةِ صَوْمِ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ وَهَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى أُصُولِ " الْإِمَامِ " الشَّافِعِيِّ " - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - " مِنْ جِهَةِ أَنَّ اسْتِصْحَابَ الْأَصْلِ قَدْ يَمْنَعُ مِنْ الْجَزْمِ.
وَمِثْلُهُ لَوْ شَكَّ فِي الْخَارِجِ مِنْهُ " هَلْ هُوَ " مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِي الْأَصَحِّ، فَإِذَا اغْتَسَلَ كَيْف يَخْرُجُ " مِنْ الْخِلَافِ " بِيَقِينٍ، لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى جَزْمِ النِّيَّةِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يُجَامِعَ ثُمَّ يَغْتَسِلَ، وَكَانَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ يَسْتَشْكِلُ قَوْلَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِالْأَمْرِ بِالْجِمَاعِ لِمَا فِيهِ مِنْ إبْطَالِ الْعِبَادَةِ " وَسَدِّ " بَابِ الْوَرَعِ عَلَى غَيْرِ وَاجِدِ الْبُضْعِ الْحَلَالِ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ إذَا احْتَجَمَ الْمُتَوَضِّئُ أَوْ افْتَصَدَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ " - رَحِمَهُ اللَّهُ - " فَإِنَّهُمَا نَاقِضَانِ لِلْوُضُوءِ عِنْدَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ صَلَّى بِهِ شَيْئًا فَإِنَّهُ يُكْرَهُ " لَهُ " التَّجْدِيدُ، لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْغَسْلَةِ الرَّابِعَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، قَالَ وَكَانَ ابْنُ سُرَيْجٍ فِي هَذِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute