الْمُحَلِّلِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالثَّالِثَةِ وَلِهَذَا قَالَ فِي (الْحَاوِي الصَّغِيرِ) إذَا أَفَادَ الْكُبْرَى اسْتَحَقَّ فَأَفَادَ الْحُكْمَ مُتَضَمِّنًا التَّعْلِيلَ وَخَالَفَ الْمُزَنِيّ فِي ذَلِكَ وَقَالَ لَيْسَ لَهُ إلَّا ثُلُثُ الْأَلْفِ وَاحْتَجَّ لَهُ بِفَقْءِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفَ الدِّيَةِ وَلَمْ يَنْظُرْ إلَى " ذَهَابِ ضَوْئِهِ كُلِّهِ " وَكَذَلِكَ مَنْ شَرِبَ تِسْعَةَ أَقْدَاحٍ مِنْ النَّبِيذِ وَلَمْ يَسْكَرْ ثُمَّ شَرِبَ الْعَاشِرَ فَسَكِرَ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ السُّكْرُ بِانْضِمَامِ الْعَاشِرِ. وَلِلشَّافِعِيِّ أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ وَإِنْ تَأَثَّرَتْ بِمَا سَبَقَهَا مِنْ الطَّلَاقِ وَشَارَكَ فِي ذَلِكَ الْقَدَحُ الْعَاشِرُ وَعَيْنُ الْأَعْوَرِ لَكِنَّ جِهَةَ التَّأْثِيرِ مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ تَأْثِيرَ الثَّالِثَةِ تَأْثِيرُ شَرْطٍ فِي مَشْرُوطٍ، وَالشَّرْطُ لَا يُجَامِعُ الْمَشْرُوطَ فِي تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَكِنَّ غَايَتَهُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ مُنْحَطَّةٌ عَنْ الثَّالِثَةِ مَعَ لِحَاظِ التَّقَدُّمِ بِخِلَافِ الْقَدَحِ الْعَاشِرِ وَعَيْنِ الْأَعْوَرِ لِأَنَّ السُّكْرَ نَشَأَ عَنْ الْمَجْمُوعِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بِأَنَّ الْعَقْلَ يُسْتَرُ عَلَى التَّدْرِيجِ فَكُلُّ قَدَحٍ يُزِيلُ شَيْئًا مِنْ التَّمْيِيزِ وَزَوَالِ الْبَصَرِ كَمَا أَثَّرَ فِيهِ الْفَقْءُ أَثَّرَ فِيهِ مَا قَبْلَهُ وَالْحُرْمَةُ الْمَوْصُوفَةُ بِالْكُبْرَى لَا يَثْبُتُ مِنْهَا شَيْءٌ بِالطَّلْقَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute