الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:
تَفْضُلُ صَلَاةُ الصُّبْحِ مَعَ قَصَرِ رَكَعَاتِهَا عَلَى سَائِرُ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا الْوُسْطَى، وَكَذَلِكَ (الْعَصْرُ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهَا الْوُسْطَى مَعَ أَنَّهَا أَقْصَرُ مِنْ الظُّهْرِ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَكَذَلِكَ فَضْلُ) رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ عَلَى مِثْلِهَا مِنْ الرَّوَاتِبِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ عِزَّ الدِّينِ (أَنْكَرَ إطْلَاقَ) كَوْنِ الشَّاقِّ أَفْضَلُ، وَقَالَ إنْ تَسَاوَى الْعَمَلَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَانَ الثَّوَابُ عَلَى أَكْثَرِهِمَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] .
وَضَابِطُ الْفِعْلِ الشَّاقِّ الْمُؤْجَرِ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ: إذَا اتَّحَدَ الْعَمَلَانِ فِي الشَّرَفِ، وَالشَّرَائِطِ وَالسُّنَنِ، وَكَانَ أَحَدُهُمَا شَاقًّا فَقَدْ اسْتَوَيَا فِي (أَجْرَيْهِمَا) ؛ لِتَسَاوِيهِمَا فِي جَمِيعِ الْوَظَائِفِ (وَانْفِرَادُ) أَحَدُهُمَا بِتَحَمُّلِ الْمَشَقَّةِ؛ لِأَجْلِ اللَّهِ (تَعَالَى) فَأُثِيبَ عَلَى تَحَمُّلِ الْمَشَقَّةِ لَا عَلَى غَيْرِ الشَّاقِّ، وَذَلِكَ كَالِاغْتِسَالِ فِي الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ سَوَاءٌ فِي الْأَفْعَالِ وَيَزِيدُ أَجْرُ الِاغْتِسَالُ فِي الشِّتَاءِ بِتَحَمُّلِ مَشَقَّةِ الْبَرْدِ، فَلَيْسَ التَّفَاوُتُ فِي نَفْسِ الْعَمَلَيْنِ، بَلْ فِيمَا لَزِمَ عَنْهُمَا، وَكَذَلِكَ مَشَاقُّ الْوَسَائِلِ فِي قَاصِدِ الْمَسَاجِدِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ مِنْ مَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ، وَآخَرُ مِنْ بَعِيدَةٍ فَإِنَّ ثَوَابَهُمَا (يَتَفَاوَتُ) بِتَفَاوُتِ الْوَسِيلَةِ، وَيَتَسَاوَيَانِ مِنْ جِهَةِ الْقِيَامِ بِأَصْلِ الْعِبَادَةِ، قَالَ: وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَجْرُك عَلَى قَدْرِ نَصَبِك أَوْ قَالَ عَلَى قَدْرِ نَفَقَتِك» ، فَإِنْ كَانَتْ الرِّوَايَةُ بِالنَّفَقَةِ فَوَاضِحٌ فَإِنَّ مَا (يُنْفَقُ) فِي طَاعَةِ اللَّهِ (تَعَالَى) يُفَرَّقُ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ وَإِنْ كَانَتْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute