وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ فِي الْغِيَاثِيِّ: إنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَفْضَلُ مِنْ فَرْضِ الْعَيْنِ، لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ " الْمُتَعَيِّنُ " اخْتَصَّ هُوَ بِالْأَثِمِ.
وَلَوْ تَرَكَ الْجَمِيعُ فَرْضَ الْكِفَايَةِ أَثِمُوا وَلَوْ فَعَلَهُ " أَسْقَطَ " الْحَرَجَ عَنْ الْجَمِيعِ. قُلْت وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى أَحْسَنُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمَزِيَّةِ الْأَفْضَلِيَّةُ فَقَدْ يَخْتَصُّ الْمَفْضُولُ بِأَمْرٍ وَيَفْضُلُهُ الْفَاضِلُ بِأُمُورٍ.
وَأَمَّا الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ فَقَدْ أَخَذَهَا النَّاسُ " مِنْهُ " " مُسَلَّمَةً " تَقْلِيدًا وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ إذَا ازْدَحَمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَا يَسَعُ الزَّمَنُ إلَّا أَحَدَهُمَا فَلَا شَكَّ فِي تَقْدِيمِ فَرْضِ الْعَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَدَلٌ، كَمَا فِي سُقُوطِ الْجُمُعَةِ مِمَّنْ لَهُ قَرِيبٌ مُمَرَّضٌ، بَلْ قَالُوا: لَوْ اجْتَمَعَ جِنَازَةٌ وَجُمُعَةٌ وَضَاقَ الْوَقْتُ، قُدِّمَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجِنَازَةَ؛ لِأَنَّ " لِلْجُمُعَةِ بَدَلًا " وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا لَهُمَا فَتَقْدِيمُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ لَا يَقْتَضِي أَفْضَلِيَّتَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَفَرْضٌ وَلَمْ يُخَفْ فَوْتُ الْفَرْضِ قُدِّمَ الْكُسُوفُ كَيْ لَا يَفُوتَ مَعَ أَنَّ الْكُسُوفَ سُنَّةٌ فَلَمْ يَكُنْ تَقْدِيمُهُ حُكْمًا بِأَفْضَلِيَّتِهِ.
وَلَوْ كَانَ فِي طَوَافِ الْفَرْضِ " وَحَصَلَتْ لَهُ جِنَازَةٌ " " كُرِهَ " لَهُ قَطْعُ الطَّوَافِ " قَالَهُ الرَّافِعِيُّ " " إذْ لَا " يَحْسُنُ تَرْكُ فَرْضِ الْعَيْنِ " لِفَرْضِ " الْكِفَايَةِ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute