وَمِنْ الثَّانِي: الْمُفْلِسُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاكْتِسَابُ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ نَعَمْ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الزَّكَاةِ لِلْغَرِيمِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي الْأَصَحِّ، لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْكَسْبِ، لِوَفَاءِ الدَّيْنِ.
وَالْمُسَافِرُ الْفَاقِدُ لِثَمَنِ الْمَاءِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ لَا يَلْزَمُهُ الِاكْتِسَابُ لَهُ، قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ.
وَالْفَقِيرُ الْكَسُوبُ لَا يَتَحَمَّلُ الْعَقْلَ قَطْعًا وَتَلْزَمُهُ الْجِزْيَةُ قَطْعًا، بَلْ تَلْزَمُ الْعَاجِرَ عَنْ الْكَسْبِ فِي الْأَصَحِّ، وَتَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ " حَتَّى يُوسِرَ " وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَكْتَسِبَ " لِيَحُجَّ " كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنْ كَانَ عَلَى دُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلَهُ صَنْعَةٌ " يَكْتَسِبُ " فِيهَا كِفَايَتَهُ وَكِفَايَةَ عِيَالِهِ وَمَئُونَةَ حَجِّهِ لَزِمَهُ الْحَجُّ، وَإِلَّا فَلَا.
وَلَوْ كَانَ " يَكْتَسِبُ " فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أَيَّامٍ كُلِّفَ، وَمِنْ طَرِيقِ الْأُولَى إذَا قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ فِي بَلَدِهِ " بِمَا " يَكْفِيه مَئُونَةُ أَيَّامٍ ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّونَ.
وَمَنْ مَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ لَزِمَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي إبِلِهِ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ بِنْتِ مَخَاضٍ.
وَلَوْ كَانَ الْغَارِمُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ كَسُوبٌ يَقْدِرُ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْ كَسْبِهِ، فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُعْطِي بِخِلَافِ الْفَقِيرِ، لِأَنَّ حَاجَتَهُ تَتَحَقَّقُ يَوْمًا فَيَوْمًا وَالْكَسُوبُ يَحْصُلُ كُلَّ يَوْمٍ مَا يَكْفِيهِ، وَهُنَا الْحَاجَةُ حَاصِلَةٌ فِي الْحَالِ لِثُبُوتِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنَّمَا يَقْدِرُ عَلَى " اكْتِسَابِ " مَا يَقْضِي بِهِ " دَيْنَهُ " عَلَى التَّدْرِيجِ.
وَمِثْلُهُ: الْمُكَاتَبُ.
وَمِنْ " هَذَا " يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا لَا يَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute