للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ تَطَهَّرَ فِي الْإِقَامَةِ وَمَسَحَ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَسْحُ مُقِيمٍ، " فَكَذَلِكَ " فِي قَضَائِهَا.

وَقَدْ أُورِدَ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يُوصَفُ الشَّيْءُ بِالشَّيْءِ إلَّا إذَا أَمْكَنَ وَصْفُهُ بِضِدِّهِ، كَالْإِجْزَاءِ وَالصِّحَّةِ " لَا " يُوصَفُ بِهِمَا إلَّا مَا أَمْكَنَ وُقُوعُهُ غَيْرَ مُجْزِئٍ وَغَيْرَ صَحِيحٍ فَكَيْفَ تُوصَفُ الْجُمُعَةُ بِالْأَدَاءِ وَلَا تَقَعُ " غَيْرَ " مُؤَدَّاةٍ.

وَأُجِيبُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: مَنْعُ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَقَدْ يُوصَفُ " الشَّيْءُ " بِمَا لَا يُوصَفُ بِضِدِّهِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْجُمُعَةَ تُقْضَى ظُهْرًا، وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ اشْتِرَاكٌ فِي الْحَقِيقَةِ فَقَبِلَتْ الْوَصْفَ بِذَلِكَ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهَا لَوْ وَقَعَتْ بَعْدَ الْوَقْتِ بِجَهْلٍ مِنْ فَاعِلِهَا سُمِّيَتْ قَضَاءً فَاسِدًا فَصَحَّ وَصْفُ الْجُمُعَةِ بِالْقَضَاءِ لَمَّا صَحَّ وَصْفُ الصَّلَاةِ بِالْفَسَادِ، وَقِيلَ: يُتَصَوَّرُ قَضَاءُ الْجُمُعَةِ بِأَنْ يُصَلِّيَهَا وَتَكُونَ غَيْرَ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ بِسَبَبِ سَفَرٍ وَنَحْوِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا سَيَأْتِي فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ ثُمَّ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ، لَكِنْ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ هَا هُنَا؛ لِأَنَّ الَّذِي تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ الظُّهْرُ فَلَا يَقْضِي غَيْرَهَا.

الثَّالِثُ: الْعِبَادَاتُ تَنْقَسِمُ إلَى أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا ": مَا لَا يُوصَفُ بِقَضَاءٍ وَلَا أَدَاءٍ كَغَيْرِ الْمُؤَقَّتِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>